الهيئة الوطنية للانتخابات تعقد اليوم مؤتمرا تنفيذا لتوجيهات رئيس الجمهورية - الهرم المصرى نيوز

 

 بقلم ✍أ.د.م. أحمد محمد عابد

أستاذ مشارك بكلية الهندسة بجامعة الزقازيق واستشاري الهندسة الصناعية وسفير منظمة AFNGO للسلام. 

*الوعي يعد المُحارب الأمثل للأكتئاب*

تعالوا سوا نجمع *جورج كارلين* مع *آرون بيك* في جلسة أفتراضية للمس أخطر خطط تدمير الإنسان، الا وهي صناعة التفاهة السارقة للوقت التي تُورث *الاكتئاب* ثم تحول افراد المجتمع المُنتجين إلى أموات بلا طاقة يتحركون فوق الأرض كالروبوت، يشاهدون أحلامهم تضيع ولا يجدون اي دافع للدفاع عنها لثبط الهمم وما أطلقوا عليه *الاكتئاب*، إكتئاب صنعوه بأيديهم عندما دخلوا جحر الضب الذي حذرهم رسول الله منه.

خطة صناعة التفاهة ومضيعات الوقت التي يحيكها أعداء الحياة تورث من يتبناها الفقر المالي والعقلي، وتُفقد من ينتهج منهجها متعة التطور بل تجعله دائما عاملاً منهكاً مشغول بالبقاء على قيد الحياة، فلا يجد طاقةً للمطالبة بحقوقه ليترقي بين درجات هرم ماسلوا.

يتحدث *جورج كارلين* عن الفقر كمشكلة اقتصادية ونفسية واجتماعية وسياسية متشابكة، تُصنع بعناية لإنتاج مواطن خاضع، مشغول، ومُنهك.

عندما يجتمع *جورج كارلين* و *آرون بيك* لأستعراض تأثير العقل الجمعي وتأثيره في صناعة التفاهة التي تجعل مِنك فقيراً يضعك داخل حدود السيطرة، ويحرمك سيكولوجيا من التفكير النقدي، وينشغل فقط في تأمين لقمة العيش ويُصبح الوعي وسيلة للبقاء وليس للتحرر من الفقر وربما ذلك عكس مراد الله في خلقه، وتذكروا قول الله تعالى " * الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ *" . 

إستسلامك لهذا النهج يحصر الانسان في قاعدة *هرم ماسلوا* واختزال العقل في وظائف تأمين الغرائز فقط، وإستسلامك يحرمك من الدفاع عن كرامتك وتسلب منك إرادتك لتعيش تحت وطأة الحاجة المستمرة المعروفة بأسم *"الاحتراق الوجودي"* حيث تتآكل داخلياً و تستسلم *للامتثال*، بدل الإبداع والتفكير خارج الصندوق، لتغير منهجية حياتك لتقاوم الفقر.

تجد أن من يتبنون صُناع التفاهة من أكثر المستهلكين ويعتبروا أداة من أدوات الخلل الاقتصادي بالبلدان لأستسلامهم لمبدأ إداري من مروجي التفاهة تسمى *"الإشباع المؤجل"*، وعند بلوغ تلك الحالة تجد الانسان يتجرع جُرعات من الأمل الزائف عبر الإعلانات والوعود والسياسات والتي تخلق له سراباً يلهث وراؤه ومحاط بكمٍّ هائل من المُلهيات والمخاوف، ليصبح الفقر قياس *لقدرك* داخل المجتمع واعتراف منك بقدرك الضئيل كترس صغير في آلة الإنتاج. 

*إنها هندسة دقيقة للعجز*، يتقنها النظام النيوليبرالي في صُنع حالة روحية عميقة من الانطفاء الداخلي، يُختصر فيها الإنسان في جسد يعمل دون أن يعيش، وينتج دون أن يمتلك، ويُستهلك دون أن يختار، قدرك أنك عبد لدى اصحاب المال الذين لا يلقون بالاً للتفاهة وأهلها، بل يلومون انفسهم اذ مرت دقيقة دون تفكر في أفكار تجلب لهم الاستقرار المالي الذي يضمن لهم الترقي داخل درجات *هرم ماسلوا* الي بلوغ القمة. فأصحاب رؤوس الاموال يعملون كثيرا بعقل مُستنير يتحررون من التبعية الي القيادية، مما يؤكد أن *الفقر في الوعي* وليس الفقر في المال وهذه نظرة السيكولوجين. حين يُبرمج الإنسان ليقتنع بأن بؤسه *قدر*، يصبح هو الحارس النفسي *للسجن* الذي وُضع نفسه فيه، نتيجة الاستسلام لأفكار سلبية تخلق له أسوار من الخوف وطبعا مجنزرة بأقفال الحرمان لتغليف العقل تمهيدا لظهور سحابات الاكتئاب التي تفقدك الإحساس بالزمن والهدف. وهكذا يُصبح *الفقر مرضاً نفسياً متوارثاً*، لا يُقاس بالعملة، بل بمدى *إنطفاء الأمل*.

صناع التفاهة وسارقي الوقت يريدونك مكتئب لا تؤمن بأهمية الوعي والتساؤل حول تحسين مستوى معيشتك والمكتئب يكره التعليم الذي يدفعك للتفكير النقدي المستنير الذي يحفظك من الانقياد دون إرادة وتصير رد فعل ولا تملك أن تكون فعل، وعليك أن تبدأ *بممارسة الوعي* لا بوصفه *ترفاً فكرياً*، بل فعلاً للمقاومة، فالمعركة ليست على المال فقط، بل على العقل الذي يعي من يُفقره ولماذا.

لذلك مقاومة الافكار السلبية والسودوية كما وصفها *آرون بيك* أنها نتيجة ضياع الهدف والحلم لأستسلامك للتفاهة ومضيعات الوقت التي تنشر سحائب الإكتئاب فوق عقلك قليل الوعي، حيث يؤكد *آرون بيك* أن إستسلامك لتوارد تلك الافكار السلبية مثل *" أنا فاشل "،" مفيش فايدة مني "* هي اللي بتولد المشاعر مش العكس. تلك الملاحظة وضع اساس لمدرسة العلاج المعرفي السلوكي (CBT) و إن *تغيير الفكرة ممكن يغير الشعور*، وبدأ يطلب من المرضى يلاحظوا نفسهم ويكتبوا الأفكار اللي بتعدي على بالهم وقت ما يشعرون بالضيق ، ولما بدأوا يراجعوا الأفكار دي وجدوا إن كتير منها غير منطقي أو مش حقيقي، وإن مجرد التفكير فيها بطريقة مُختلفة بيهدي المشاعر وبيغير نظرتهم للموقف مما يؤكد *كسر حلقة الإكتئاب* و *الوعي بأستثمار الوقت والعقل* و مقاومة *الفقر* . يقول الله تعالى ★ * الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268)*★ مما يؤكد أن رحمات الله وغفرانه أستفاد منها أشخاص قاوموا مُضيعات الوقت وأستثمروا الوقت للتغلب على الفقر والحل في العمل الدؤوب. الافكار السلبية البعض يستسلم لها ويدخل برجليه لغرفة الاكتئاب وشخص اخر رفض تلك الافكار السلبية وقرر ان يثور علي وضعية الاستسلام للتفاهات وان يحارب الفقر حتى ولو بالتعب والجهد المضاعف، فهذا التعب والمجهود والعرق شرف لا يدرك قيمته الا الله ورسوله والشرفاء وتذكروا " هذه يد يحبها الله ورسوله". 

أشتغلوا كتير يا عمال مصر وفكر دائما في الارتقاء بأحلامك وأهدافك في جودة انتاجيتك وأعرف ان كل منتج يطير حول العالم وقدمت عليه رسالة "صنع في مصر" هي شهادة شرف وصحة نفسية تؤكد نشر السلام والانتاجية تواجه بها الفقر لتصل لأعلى قمم هرم ماسلوا.