الامارات ومونتينغرو تبحثان سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين - الهرم المصرى نيوز

 

بقلم:د/ مروة الليثي #دليلك للطمأنينة 

في زمنٍ تتسارع فيه الأحداث وتتبدّل فيه القيم، أصبحت الأسرة – التي كانت يومًا الحصن الآمن – مهددة من الداخل، تتآكلها الخلافات، ويفتتها الصمت، حتى صار ما يسمى بـ التفكك الأسري من أخطر الظواهر الاجتماعية التي نعيشها اليوم.

التفكك لا يبدأ عندما يترك أحد الوالدين البيت، بل يبدأ حين يغيب التواصل، وحين يصبح الحوار صراعًا لا تفاهمًا، وحين يتحوّل البيت من مساحة دفء إلى ساحة حرب باردة.

ما هو التفكك الأسري؟

هو حالة انهيار في العلاقات بين أفراد الأسرة، تتراجع فيها المشاعر الإيجابية ويغيب الاحترام والتفاهم، سواء بسبب الطلاق، أو الانفصال العاطفي، أو الإهمال المستمر.

قد يكون الأب موجودًا جسديًا لكنه غائب نفسيًا، وقد تكون الأم حاضرة بجسدها لكنها منهكة، فاقدة للشغف والاحتواء.

وهنا يبدأ الانهيار الحقيقي: انفصال القلوب قبل انفصال البيوت.

أثر التفكك على الأبناء

الأبناء هم الضحايا الصامتون في معركة الكبار، يتلقون الألم دون ذنب، ويعيشون آثار التفكك في كل تفاصيل حياتهم.

في مراحل الطفولة، يظهر ذلك في الخوف، التبول اللاإرادي، الانطواء، أو العدوانية الزائدة.

أما في المراهقة، فيتحول إلى تمرد، كره للسلطة، ضعف الثقة بالنفس، أو البحث عن بدائل عاطفية خطيرة خارج الأسرة.

وقد كشفت دراسات عديدة أن نسبة كبيرة من المدمنين والمجرمين والمكتئبين نشأوا في أسر مضطربة أو مفككة، ما يؤكد أن الجرح النفسي الناتج عن غياب الاستقرار العائلي يترك أثرًا عميقًا لا يمحوه الزمن بسهولة.

الطلاق العاطفي أخطر من الطلاق الرسمي

كثير من الأزواج يعيشون تحت سقف واحد لكنهم منفصلون وجدانيًا، لا حوار، لا مشاركة، لا حب.

الأطفال في هذه البيوت يكبرون وهم يشاهدون أبوين غريبين يعيشان في صمت مؤلم، فيتعلمون أن العلاقة الزوجية تعني الجمود لا الأمان، والسكوت لا المودة.

هذا النوع من التفكك الخفي أخطر من الطلاق المعلن، لأنه يهدم النفس ببطء وبدون وعي.

كيف نحمي أبناءنا من آثار التفكك؟

إعادة بناء التواصل: الحوار هو أول خطوة في طريق العلاج، فالكلمة الطيبة قادرة على تهدئة أعنف الخلافات.

عدم إشراك الأبناء في الصراعات: مهما بلغت الخلافات، يجب ألا يكون الطفل سلاحًا في يد أحد الطرفين.

تقديم الدعم النفسي: سواء من الأسرة الممتدة أو من مختص نفسي يساعد الطفل على التعبير عن مشاعره وتجاوز الصدمة.

إظهار الحب والاهتمام: حتى لو انتهت العلاقة الزوجية، يجب أن يشعر الطفل أن حب والديه له غير مشروط.

الوعي الأسري قبل الزواج: الزواج ليس تجربة عشوائية، بل مسؤولية تحتاج إلى نضج، وتفاهم، واستعداد حقيقي لبناء بيت آمن.

في النهاية...

الأسرة ليست فقط جدرانًا تجمع أفرادًا، بل روح واحدة تعيش بينهم.

حين تنكسر هذه الروح، يتيه الأبناء بحثًا عن هوية مفقودة وأمان ضائع.

التفكك الأسري ليس قدرًا محتومًا، بل نتيجة يمكن تغييرها بالوعي والحب والمسؤولية.

لأن كل بيت يُعاد ترميمه، هو قلب طفل يُعاد إليه الأمان.