جدار الصمت - الهرم المصرى نيوز

 

كتب/ احمد السيد جاب الله 

خبراء عسكريون يؤكدون

في ظل التصعيد المتواصل والتوتر العميق الذي يطبع العلاقات بين إسرائيل وإيران، باتت كل المؤشرات تدلّ على أن جولة جديدة من التصعيد العسكري بين الطرفين ليست مجرد احتمال بعيد، بل باتت مسألة وقت لا أكثر، مع استمرار سباق التسلّح والتحضيرات العسكرية المكثفة من كلا الجانبين.

هذا ما خلص إليه تقرير تحليلي نشرته صحيفة "فزغلياد" الروسية للكاتب والمحلل العسكري ألكسندر تيموخين، الذي استعرض خلاله المعطيات التي تجعل من اندلاع مواجهة جديدة أمرًا حتميًا، مستشرفًا في الوقت ذاته موعد هذا التصعيد، ومُسلّطًا الضوء على استعدادات الجيشين الإيراني والإسرائيلي، وأدوار الأطراف الدولية، وخاصة الولايات المتحدة، في هذا الصراع المتصاعد.

أسباب حتمية التصعيد الجديد بين إسرائيل وإيران:

بحسب التقرير، ورغم التصريحات الإعلامية من طهران وتل أبيب عقب المواجهة الأخيرة التي اندلعت في يونيو/حزيران الماضي، والتي حاول فيها كل طرف الادّعاء بتحقيق النصر، إلا أن الواقع الميداني والسياسي يُظهر عكس ذلك تمامًا، حيث لم يُحقق أي من الطرفين انتصارًا حاسمًا أو تغيّراً جذريًا في موازين القوى، الأمر الذي يعني عمليًا أن المواجهة قد تم تأجيلها فقط، وليست قد انتهت بشكل نهائي.

ويرى تيموخين أن جولة التصعيد المقبلة ليست مجرد خيار، بل نتيجة طبيعية لسلسلة التطورات الجارية، خاصة في ظل:

استمرار التهديدات المتبادلة بين الطرفين.

تنامي القدرات الصاروخية الإيرانية من حيث النوع والكم.

السعي الإسرائيلي لتعزيز مخزون الذخائر عالية الدقة والصواريخ الاعتراضية.

العامل الإقليمي والدولي، خصوصًا دور الولايات المتحدة الذي يُمكن أن يُحرّك ميزان الحرب.

كيف ستبدو ملامح الحرب المقبلة بين إسرائيل وإيران؟

أولاً: الجانب الإيراني

يتوقع تيموخين أن يشهد العام الحالي نقلة نوعية في قدرات إيران الصاروخية، حيث ستعمل طهران على:

تطوير دقة ومدى صواريخها الباليستية والمجنحة.

رفع حجم المخزون الصاروخي، بما يسمح لها بخوض حرب استنزاف طويلة الأمد ضد إسرائيل.

الاستفادة من الخبرة العسكرية التي اكتسبتها قواتها خلال المواجهة الأخيرة، وتحسين فعالية الضربات الصاروخية.

وبحسب التقرير، فإن إيران باتت أكثر اقتناعًا بجدوى الاعتماد على استراتيجية الاستنزاف وإطالة أمد المواجهة، وهو تكتيك ترى فيه فرصة لإضعاف قدرات إسرائيل تدريجيًا، خاصة إذا اقترن بتصعيد إقليمي يستنزف تل أبيب على جبهات عدة.

ثانيًا: الجانب الإسرائيلي

أما إسرائيل، فستواصل خلال الأشهر المقبلة، وفقًا للكاتب، جهودها في:

تكثيف تخزين الذخائر عالية الدقة.

تعزيز أنظمة الدفاع الجوي، لا سيّما اعتراض الصواريخ والمسيرات الإيرانية.

تحضير الضربات الاستباقية التي قد تُنفذ في الوقت المناسب، خاصة في حال توفرت ضمانات أميركية بالدعم العسكري المباشر.

ويشير تيموخين إلى أن تل أبيب تدرك أن المعركة المقبلة ستكون مختلفة من حيث الحجم والنوعية، خصوصًا إذا ما اضطرت لمواجهة الصواريخ الإيرانية التي يُتوقع أن تكون أكثر تطورًا ودقة في إصابة الأهداف الحيوية داخل العمق الإسرائيلي.

---

متى قد تندلع الحرب الجديدة؟

بحسب تقديرات الكاتب، فإن مؤشر التصعيد سيتصاعد تدريجيًا بدءًا من شهر سبتمبر/أيلول المقبل، مع وجود سيناريوهين أساسيين لاندلاع الحرب:

1. الهجوم الإسرائيلي المحتمل العام المقبل: إذا قررت إسرائيل مواصلة التحضيرات العسكرية دون استعجال المواجهة، خاصة في حال عدم وضوح موقف واشنطن النهائي.

2. التصعيد قبل نهاية العام الجاري: في حال حصلت إسرائيل على ضمانات أميركية قوية بالدعم العسكري، قد تُقدم على تنفيذ هجوم واسع النطاق ضد إيران قبل حلول العام المقبل.

أما في حال قررت إسرائيل استخدام السلاح النووي خلال الجولة الثانية من التصعيد، فإن إيران، وفقًا للكاتب، لن تبقى مكتوفة الأيدي، بل ستسعى بشكل حثيث لتطوير قدراتها النووية والرد بأسلوب "لا تراجع بعده"، إذ لن يكون لديها ما تخسره في معركة وجودية بهذا الحجم.

فعالية الصواريخ الإيرانية ومستقبل الدفاعات الإسرائيلية

يُرجّح تيموخين أن أداء الصواريخ الإيرانية سيكون أكثر فاعلية في الحرب المقبلة، خاصة في ظل الخبرة المكتسبة من المعركة الأولى، الأمر الذي سيُشكّل تحديًا حقيقيًا أمام أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية، التي ستحتاج لفترة طويلة لاستعادة كفاءتها المعتادة، لا سيّما بعد الأضرار التي لحقت بها في الجولة الأخيرة من المواجهة.

السيناريو الأميركي ودور واشنطن في الصراع

في ختام تحليله، يتوقّع الكاتب أن تعتمد الإدارة الأميركية نهج التدخل غير المباشر في بداية التصعيد الجديد، تمامًا كما حدث في الجولة الماضية، من خلال:

تقديم الدعم الاستخباراتي والتقني لإسرائيل.

تزويد تل أبيب بالذخائر والأسلحة الدقيقة دون الانخراط المباشر في القتال.

إلا أن هذا النهج الأميركي قد يتغيّر إذا دخلت إسرائيل في مرحلة خسائر واضحة ضمن حرب الاستنزاف، حيث يُحتمل، بحسب التقرير، أن:

تتحوّل واشنطن إلى طرف مشارك بشكل مباشر في العمليات العسكرية إلى جانب إسرائيل.

في المقابل، ستردّ إيران على أي هجمات أميركية متكررة من خلال استهداف القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة، دون إصدار تحذيرات مسبقة، على عكس ما حدث خلال المواجهة السابقة.

خلاصة التقرير

من وجهة نظر صحيفة "فزغلياد"، ومن خلال قراءة تيموخين للمشهد، فإن الحرب الجديدة بين إسرائيل وإيران تبدو مسألة وقت لا أكثر، مع تعاظم الاستعدادات، وتصاعد سباق التسلّح، واستمرار غياب أي مؤشرات لحل سياسي ينزع فتيل الأزمة.

ويبقى العامل الزمني مرهونًا بمعطيات إقليمية ودولية، أبرزها موقف الولايات المتحدة، ومدى تطور القدرات العسكرية للطرفين في الأشهر القليلة المقبلة.