دار الكتب تعلن عن الإطلاق التجريبي لخدمة الإيداع القانوني إلكترونيا - الهرم المصرى نيوز

 

بقلم/ عبدالله صالح الحاج - اليمن*

🌍 يتجلى المشهد الإقليمي اليوم بوضوح صارخ؛ فالعين الثاقبة ترى تحركاتٍ متسارعة لقوى الهيمنة، كأنها أفاعٍ تُزحف لتُعيد هندسة المنطقة، تلتفُّ خيوطها السامة حول عنق الأمة، خنقاً بطيئاً مُدبراً وفق مصالحها التوسعية. وفي قلب هذا المشهد الملتهب، يقف محور المقاومة لا كمجرد قوات عسكرية فحسب، بل كقلبٍ ينبض بالصمود في جسد الأمة، ومركز ثقل يواجه تحديًا وجوديًا سيحدد مصير الشرق الأوسط برمته، كأنها لحظة قَدَرٍ تُصاغ فيها خريطة الغد بدم ونار. إنها ليست مجرد منازلة تقليدية، بل حربٌ مفتوحة تقتلع جذور الهوية، وتُدمّر أركان السيادة، وتُصادر حرية القرار السياسي لأمم وشعوب المنطقة، لتجعل منها أجساداً بلا روح. تسعى القوى الغربية والكيان الصهيوني المحتل لفرض واقع جديد يكرّس نفوذهما المطلق، كأنهم يدٌ غاشمة تسحق كل بادرة مقاومة، وكل حلم بالكرامة، وكل شروق شمس للحرية، تهدد مشروع "إسرائيل الكبرى" الذي يطمح لمد نفوذه من النيل إلى الفرات، كأنه طوفانٌ من السيطرة يبتلع كل ما في طريقه.

⛓️ في ظل الضغوط السياسية والعسكرية المتصاعدة، يشهد محور المقاومة زحفًا ممنهجًا لإعادة التشكيل، وكأنها رياحٌ عاتية تسعى لتمزيق الجبهات المرتبطة بغزة وتقليص نفوذ القوى الداعمة للمقاومة الفلسطينية. فقد فُكَّ ارتباط جبهة حزب الله في لبنان، وجبهة الحشد الشعبي في العراق، وجبهة سوريا عن دعم غزة والشعب الفلسطيني، ضمن مخطط أوسع تقوده واشنطن وتل أبيب، كأنه خيطٌ رفيع يُضبط به ميزان القوى وفق المصالح الغربية، لتعزف لحن الهزيمة في آذان المقاومين. وفي هذا المشهد المعقد، ظلت جبهة اليمن، كصخرة صلبة تتكسر عليها أمواج العدوان، هي الجبهة الأخيرة المرتبطة بغزة، تواصل تقديم الدعم الفعلي والإسناد العسكري والسياسي للمقاومة الفلسطينية، رغم الضغوط المكثفة التي تنهال عليها، كأنها جبالٌ راسخة لا تُزحزحها الرياح العاتية.

🔥 لعبت جبهة حزب الله دورًا محوريًا في دعم المقاومة الفلسطينية لعقود، كأنها السند المتين الذي لا ينكسر للقضية. إلا أن التطورات الأخيرة أجبرتها على تبني استراتيجية أكثر حذرًا، وتقليص تدخلها العسكري المباشر في غزة، كأن يدًا خفية تُشد على عنقها لتحد من حركتها، وتُطفئ وهج نيرانها المشتعلة. أصبحت جبهة حزب الله أقل ارتباطًا بحركة حماس، ضمن مساعٍ أمريكية لفصل الجبهتين اللبنانية والفلسطينية، كأن كل جبهة تُعزل في جزيرتها الخاصة، ليختنق صوت المقاومة. أكد نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله، أن الحزب يدعم جهود الوساطة للتهدئة في لبنان دون فرض شروط تتعلق بغزة، في رسالة تحمل طيَّاتها واقعية مُرَّة، كطعم العلقم في فم الأمة. دفعت الأزمة الاقتصادية وتصاعد الضغط السياسي الداخلي جبهة حزب الله إلى التركيز على أولويات داخلية، مما حدَّ من إمكانية تقديم دعم ميداني مباشر لغزة، كأن الأعباء الداخلية باتت قيدًا من حديد على حركتها الخارجية.

🛡️ على الجانب العراقي، تعرضت جبهة الحشد الشعبي لضغوط سياسية متزايدة تهدف إلى تقليص نفوذها، وإعادة ضبط دورها العسكري، كأنهم يسعون لكسر شوكتها، وقطع دابر قوتها بما يتماشى مع المصالح الأمريكية في المنطقة. ناقش البرلمان العراقي تعديل قانون الحشد الشعبي، مما يعكس محاولات لإعادة هيكلته وتقليص استقلاليته العسكرية، في محاولة لوضعها تحت السيطرة الكاملة، وجعلها أداة طيعة في أيديهم. تصاعدت الدعوات السياسية لدمج الحشد الشعبي ضمن القوات المسلحة العراقية، في خطوة تهدف إلى تحجيم دورها الإقليمي، كأنهم يبترون أذرعها التي امتدت لدعم المقاومة، ليُشلّوا حركتها. حدَّت القيود الأمنية المفروضة على جبهة الحشد الشعبي من قدرتها على تقديم أي دعم عسكري لغزة، مما يعكس نجاح السياسة الأمريكية في تحجيم دورها، كأن حركتها باتت مكبلة بالقيود، لا تستطيع فكاكاً.

🗑️ أما جبهة سوريا، فقد باتت عِبئًا على محور المقاومة، ونقطة ضعف تستوجب المراجعة والتصحيح. فرغم أنها كانت ذات يوم عمودًا أساسيًا في هذا المحور، إلا أنها اليوم تراجعت لتُظهر ميلًا واضحًا للحياد الاستراتيجي، بل والهروب من المواجهة، كأنها سفينة تُلقي بمرساتها في بحر الخوف، متناسيةً بوصلة العروبة والمقاومة. إن تجنب دمشق للمواجهة المباشرة مع الاحتلال، وتراجعها عن دعم غزة، ليس إلا دليلًا صارخًا على أولوياتها الذاتية والهروب من مسؤوليتها التاريخية تجاه القضية الفلسطينية. إنها تسعى للحفاظ على هدوء حدودها وهدوء اقتصادها، حتى لو كان ذلك على حساب دماء الشعب الفلسطيني وكرامة الأمة، كأنها تبيع مبادئها بثمن بخس، لتشتري بذلك سلامًا زائفًا لن يدوم. لقد باتت الدبلوماسية السورية اليوم تعكس رغبة في تقليل أي تدخل إقليمي، في محاولة واهنة لضم جراحها الداخلية المنهكة، غير مدركة أن جرح الأمة هو جرحها الأكبر، وأن العزلة ليست سبيلاً للنجاة، بل هي بوابة للاندثار.

🎭 في هذا السياق، يمثل وصول شخصيات سياسية وعسكرية، مثل أحمد الشرع إلى موقع الرئاسة في سوريا، وجوزيف عون إلى رئاسة لبنان، نقطة تحول محورية في مسار إعادة ضبط جبهات محور المقاومة وفق المصالح الأمريكية والصهيونية. فمن موقعيهما القياديين، قاما بتنفيذ سياسات تهدف إلى تحييد القوى المقاومة، وتقليص دعمها لغزة والمقاومة الفلسطينية، كأنهما أداتان طيعتان في يد المخطط الكبير، يُحركان بأصابع الأعداء. إن التاريخ يشهد بأن من يتواطأ مع القوى المهيمنة على حساب شعبه وقضيته، غالبًا ما يكون أول من تدفعه هذه القوى ثمنًا لتغير مصالحها، كأنهم جسرٌ يعبرون عليه ثم يلقونه في الهاوية، ليُصبحوا وقوداً لنيران لم يوقدوها. فالمستقبل يحمل في طياته دروسًا لمن يراهن على الأجنبي، وأحمد الشرع وجوزيف عون قد يجدان نفسيهما، عاجلاً أم آجلاً، أول من سيحترق بنيران أمريكا وإسرائيل، فالتاريخ خير شاهد على مصير أولئك الذين يخدمون أجندات لا تتوافق مع مصالح أوطانهم وشعوبهم، كأنهم يبنون قصورهم على رمال متحركة.

💥 في ظل فك ارتباط الجبهات الأخرى، ظلت جبهة اليمن الجبهة الأخيرة التي لا تزال ثابتة في موقفها الداعم لغزة والمقاومة الفلسطينية، كقلبٍ ينبض بالوفاء في صدر أمة، لا يعرف الخوف أو التراجع. حيث قدمت اليمن دعمًا ميدانيًا وعسكريًا، وواصلت جهودها في كسر الحصار والضغط على الاحتلال الإسرائيلي، كأنها سيفٌ مسلول لا يعرف الكلل، يُشعل اللهب في عيون الأعداء. يؤكد اليمن أن القضية الفلسطينية جزء من معركته الاستراتيجية ضد الهيمنة الصهيو-أمريكية، كأنها بوصلة تحدد اتجاه كفاحه، وقبلة تُوجه إليها كل جهوده. استطاع اليمن بكل جدارة فرض حصار جوي على مطار اللد (بن غوريون) وحصار بحري على ميناء حيفا، مما أدى إلى تعطيل كبير في حركة الملاحة الجوية وهروب شركات الطيران، وإجبار شركات الشحن على تغيير مساراتها، في ضربة موجعة للكيان المحتل، كأنها خنقٌ تدريجي لأوردته الاقتصادية، يقطع أنفاسه شيئاً فشيئاً. لم يقتصر دعم اليمن على الخطاب السياسي، بل تجسد في عمليات ميدانية فعلية تهدف إلى كسر الحصار والضغط على الاحتلال الإسرائيلي، كأن الكلمات تحولت إلى رصاص لا يخطئ هدفه، وصواريخ تدك حصون الظلم.

📈 لإفشال هذا المخطط الذي يسعى إلى فصل الجبهات المقاومة عن بعضها، كأنها أوصال جسد تُقطع لتُضعف قوته وتُسهّل القضاء عليه، لا بد من تبني استراتيجية جديدة لاستنهاض القوى المقاومة في لبنان والعراق، وضمان استمرار الدعم اليمني للمقاومة الفلسطينية، كأننا نُشعل فتيلًا جديدًا ليضيء الدرب، ويُلهب الروح، ويُعيد الحياة إلى الجسد المتعب، وتشمل إعادة بناء التحالفات والتنسيق بين الجبهات، ويتطلب الأمر تفعيل غرف عمليات مشتركة وتبادل الخبرات لضمان استمرارية التنسيق والعمل المشترك، كأنها إعادة لحمة جسد المقاومة، ليكون كياناً واحداً صلباً. كما يجب ابتكار أساليب دعم غير تقليدية للجبهات، عبر تطوير قدرات محلية لتصنيع الأسلحة المتقدمة واستخدام التكنولوجيا المبتكرة في المواجهة، كأن الابتكار بات سلاحًا لا يُقهَر، يقلب الموازين ويُبدّل قواعد اللعبة. ومن الضروري تصعيد المواجهة الإعلامية للجبهات، عبر إطلاق حملات إعلامية دولية منظمة لفضح الحقائق وجرائم الاحتلال، كأن الكلمة باتت رصاصة تخترق الأسوار، وصوتًا يصدح بالحق في آذان العالم الأصم. وينبغي أيضاً تعزيز الجبهات الاقتصادية، من خلال تطوير شبكات تجارية موازية وتنويع مصادر الدخل لتقليل تأثير العقوبات، كأن الاقتصاد بات حصنًا منيعًا لا تخرقه سهام الحصار، ودروعًا تحمي صمود الشعوب. وأخيراً، يجب تفعيل الدبلوماسية الموازية للجبهات، عبر قنوات دبلوماسية موازية مع الدول والحركات ذات التوجهات المشتركة، وتقديم الدعم الشعبي للمقاومة في جميع أنحاء العالم، لتشكيل جبهة عالمية لا تُقهر في وجه الهيمنة، وكتلة بشرية لا ينال منها اليأس.

💪 رغم هذه الضغوط الهائلة، يبقى خيار المقاومة هو السبيل الوحيد لمواجهة الهيمنة الصهيو-أمريكية، كأنها المنارة الوحيدة في بحر الظلمات، التي ترشد السفن التائهة إلى بر الأمان. وما يحتاجه محور المقاومة اليوم هو إعادة ضبط المعادلات، وتحويل القيود المفروضة إلى عناصر قوة، كأن السم يُحوَّل إلى ترياق شافٍ، ليمنع العدو من فرض إرادته الغاشمة على مستقبل المنطقة. إن إفشال المخطط الصهيو-أمريكي الساعي إلى احتلال الدول العربية دولة دولة لن يكون إلا باستنهاض وإشعال جبهات محور المقاومة، كأنها الشرارة التي توقد النار في الهشيم، لتأكل عروش الظالمين. هذا المحور، بإرادته الصلبة ووحدته، هو الدرع الواقي والسبيل الوحيد لإحباط هذه المخططات العدوانية وضمان مستقبل حر ومستقل لشعوب المنطقة.