هدية يكرم موسى اسد تموين شبراخيت والبحيرة وفخر مركز كوم حماده - الهرم المصرى نيوز

رحاب محمد شلبى 🌹 

في كل بيت، هناك طفل يلمع في الحفظ وآخر يتألق في الفهم. بعض الأمهات تشتكي أن ابنها يحفظ بسرعة لكنه ينسى بسرعة. وأمهات أخريات يقلن: "ابني بيفهم بسرعة، بس مش بيحفظ التعاريف!" والحقيقة أن الأطفال مختلفون في طريقة استقبالهم للمعلومة، وهذا ليس ضعفًا ولا تفوقًا، بل اختلاف نمط تعلُّم، وكل طفل له مفتاح.

الطفل الذي يعتمد على الحفظ، هو الذي يحب التكرار، ويتذكر المعلومة كما سمعها. غالبًا ما يكون بارعًا في القرآن، الشعر، الجداول، ويبرع في الامتحانات التي تعتمد على الأسئلة المباشرة. لكنه يواجه صعوبة إذا طُلب منه شرح المعلومة بطريقته أو الربط بينها وبين أشياء أخرى. إذا نسِي الكلمة المفتاحية، يشعر بالارتباك.

أما الطفل الذي يميل للفهم، فهو فضولي، يسأل كثيرًا: "ليه؟"، "إزاي؟"، "طيب لو حصل كده؟"، ويحب شرح ما فهمه بطريقته. ربما لا يحفظ نصّ التعريف، لكنه يفهم الفكرة تمامًا، ويشرحها بشكل منطقي. يتألّق في الأسئلة التي تحتاج إلى تفكير وتحليل وربط، لكنه قد يتأخر في الحفظ إذا لم يُدرَّب عليه.

لمعرفة نمط طفلك، راقبيه أثناء الدراسة. هل يعيد المعلومة حرفيًا؟ إذًا هو حافظ. هل يعيد صياغتها أو يربطها بأمثلة؟ إذًا هو فاهم. هل يحب تلخيص الدرس بطريقته؟ هل يحتاج أن يرى شيئًا ملموسًا ليفهم؟ الطفل الذي يطلب صورًا أو تجارب لفهم شيء، يميل للفهم. الطفل الذي يطلب أن تكرري له الكلام بالحرف، يميل للحفظ.

إذا اكتشفت أن طفلك "يحفظ"، فامنحيه التكرار كمفتاح. اجعلي المعلومة تُعاد عليه أكثر من مرة بأشكال مختلفة: صوت، كتابة، رسم، حركة. اربطي له المعلومات بصور أو أغنية. استخدمي ألوانًا للتمييز بين العناوين والمفاهيم. لا تحمليه أكثر من طاقته في جلسة واحدة، واقسمي الدرس إلى أجزاء صغيرة. وراجعي بانتظام، لأن الحفظ وحده بلا تكرار يعني نسيان سريع. لكن لا تهملي الفهم؛ اشرحي له الفكرة العامة حتى يحفظ عن فهم، لا فقط تلقين.

أما إن كان طفلك "يفهم"، فاجعلي التعلم حوارًا. اسأليه، ناقشيه، احكي له المعلومة كقصة، أو قدّمي له تجربة واقعية. مثلًا، عند شرح الكسور، استخدمي بيتزا أو شوكولاتة مقسومة ليشاهد ويشارك. عندما يشرح الدرس لأخيه أو لكِ، دعيه يفعل. الشرح يعمّق الفهم، ويكشف ما لم يفهمه بعد. لا تكتفي بالفهم فقط، درّبيه على الحفظ حين يحتاج. شجعيه على تلخيص ما فهمه بكلمات قليلة، ليتمرّن على التعبير والتحضير للامتحانات التي تتطلب إجابة واضحة.

في الواقع، بعض الأطفال يجمعون بين الفهم والحفظ بدرجات متفاوتة، ومع التكرار والتدريب والوعي، يمكن تقوية الجانب الأضعف.

لنأخذ مثالًا عمليًا: في درس "دورة الماء". الطفل الحافظ سيحفظ الترتيب: تبخر، تكاثف، هطول، جريان. بينما الطفل الفاهم سيسأل: "يعني إيه تبخر؟ وليه بيحصل؟". عند الشرح، حافظي على أسلوب يناسب نمطه. للحافظ: ضعي له صورًا مع الكلمات. للفاهم: اشرحي له بقصة قطرة ماء تصعد من البحر وتنزل مطرًا.

وفي مادة مثل الرياضيات، الطفل الحافظ يحتاج حفظ الخطوات كأنها وصفة طبخ: أولًا نضرب، بعدين نجمع. لكن الطفل الفاهم يحتاج أن يفهم لماذا نجمع، ولماذا نضرب، وربما يخترع طريقته الخاصة للوصول للحل.

المهم هو ألا نقارن بينهم. كل طفل له طريقته، ودورنا كأهل أن نكون مرنين في احتضان هذه الفروق.

لا تقولي "أخوكي بيحفظ أسرع" أو "أنت دايمًا بطيء". بل قولي: "أنت عندك طريقة خاصة، وأنا هساعدك تتقنها".

في النهاية، المطلوب ليس أن نحول كل الأطفال إلى عباقرة متشابهين، بل أن نكشف جمال الاختلاف ونبني عليه. الطفل الحافظ يحتاج دعمًا في الفهم، والفاهم يحتاج تدريبًا على الحفظ. وكل منهما قادر، إذا أُعطي الطريقة الصحيحة والدعم العاطفي، أن يبدع في مجاله ويكتسب الثقة في نفسه.

رحاب محمد شلبى 🌹 

اخصائيه نفسيه لذوى الاحتياجات الخاصة 

تخاطب تعديل سلوك وتنمية المهارات وإرشاد أسرى 🌹