النهاردة هتكلم عن اضطراب الشخصية الهستيرية Hestoronic personality disorder - الهرم المصرى نيوز

 

بقلم رضا مخيمر

 

الحرب دايرة بقالها سنة ونص ، بقعة صغيرة على هذه الأرض تقف صامدة أمام أعتى قوة في العالم ، الطائرات المقاتلة والصواريخ الفتاكة والقنابل الحارقة والأموال الطائلة .. يركعُ الجميع وتأبى غزة ، رمزُ الصمود والعزة ، أملُ المسلمين وشرفُ الأمة!!

طول السنة ونص لم أكتب عنها ، ماذا يصنع الكلام أمام المقتلة التي تُبث على الهواء مباشرة دون أن يطرف للعالم جفن ؟!! ..

كنت بتجنب الكلام عشان بحس بعجزي وضعفي ، بحس بحقارتنا وبلد مسلمة بتتباد عن بكرة أبيها وأكثر من مليار مسلم قاعدين يتفرجوا عليهم وهما بيتقتلوا والكلاب تنهش الجثث! 

سنة ونص من الإبادة الجماعية والمجازر اليومية .. فاكر بداية الإجرام في ليلة قصف المعمداني ، ، وذهولي ، وترقبي المفاوضات وفرحي يوم الهدنة وعزتي باستعلاء الكتائب في تسليم الأسرى وحزني بعودة الحرب وأملي بتحرير الأقصى!

سنة ونص وأكثر من خمسين ألف شهيد ومئة ألف مصاب ومليون نازح

 ( طبعا دا الرسمي لكن الفعلي أضعاف مضاعفة )

 معظمهم من الأطفال والنساء الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ..

وجثةُ طفلةٍ بممرِّ مشفىً لها في العمر سبعٌ أو ثمانٍ

على بردِ البلاطِ بلا سريرٍ وإلا تحت أنقاضِ المباني !

سنة ونص عدت علينا واحنا في بيوتنا آمنين مُنعّمين وإخواننا وسط الحصار المطبق لا تدخل إليهم كِسرةُ خبز ولا قطرة ماء ولا قارورة دواء .. في مشهدٍ لم يرض به بعض كفار قريش حين حوصر النبي في شِعب أبي طالب فقام زهير بن أبي أمية وطاف بالبيت سبعا وقال : ( أنأكل الطعام ونشرب الشراب ونلبس الثياب وبنو هاشمٍ هلكى في الشِّعب محاصرون ، والله لا نقعد حتى تُشق هذه الصحيفة الظالمة !!)

سنة ونص وإخواننا يموتون في كل لحظة ، يذوقون الموت أصنافا وألوانا ، قصفا وقنصا وجوعا وخوفا ، كأنهم يعيشون أهوال القيامة ، تآمر عليهم الجميع وخذلهم القريب والبعيد ..

نقاتلهم على عطشٍ وجوعٍ وخذلان الأقاصي والأداني!

سنة ونص لحركة مقاومة تحارب العالم كله من شرقه لغربه ومن شماله لجنوبه .. كل حركة مرصودة ، أجهزة المراقبة والتنصت والتجويع والقصف والاعتقال والاغتيال وحتى الآن ما زالوا يقاومون .. ينصبون فخّا ويفجرون مدرعة ويستدرجون قوة ويطلقون صاروخا ، عملية طعن هنا ودهس هناك ، كمينٌ بالليل وقتل بالنهار

رغم المأساة والخسائر الكبيرة في قطاع غزة ، لكنّ ما حدث هو معجزة حقيقية وحكاية أسطورية ، ولو أبيد الناس جميعا ، هذه ديارُنا وأنتم طارئون ، نحن لن نستسلم ننتصر أو نموت ، نحن جند الله على هذه الأرض والله ناصرٌ جندَه وأولياءه ومُتم نوره ولو كره الكافرون 

نحنُ الذين إذا وُلدنا بكرةً كنا على ظهرِ الخيولِ أصيلا!

افعلوا ما شئتم ، لن نخشاكم ، فإنا نقاتلكم قتال من لا يخشى الموت وأنتم تقاتلون قتال من يريد الحياة ، سيظل السابع من أكتوبر كابوسكم ولو حاولتم أن تصنعوا نصرا على الجثث ، ونبؤوتكم التي تخشون منها بزوال دولتكم واقعة لا محالة ، ستظل تطاردكم لعنة العقد الثامن ، هاجس الزوال والخوف حتى يُتم اللهُ هذا الأمر أو نهلك دونه!

إن الأرض لا تتسع لكلانا ، وهي لنا طال الزمان أو قصر .. وإن تخلى الجميع وقلّ الناصر والمعين فإنهم يستعيرون قول السوريين حين تركهم الجميع تحت سيف الأسد ومقصلة روسيا وإيران حتى سال الدم أنهارا ولا مغيث ، فانبعثت صرخة من قلب الثورة تقول

                     " يا الله يا الله ما لنا غيرك يا الله ".

يااارب .. خابت الظنون إلا فيك ، وانقطعت الآمال إلا منك ، وضعف الاعتماد إلا عليك ، وأغلقت الأبواب إلا بابك ، وضاق كل جنابٍ إلا جنابك .. يا الله يا الله ما لنا غيرك يا الله !

وإن جلّت الخسائر وعظم الثمن فإن القدس يستحق أرواحنا جميعا ، الحسبة ليست مادية كم قتلنا وكم استشهد منا ؟ .. في طريق التحرير فأشعل بلاده وبلاده الآخرين 

ها قد دار الزمانُ دورته وسيبلغ الكتابُ أجلَه ، تغيرت الموازين واختلطت الأوراق وتمايزت الصفوف وسينزل الجميع مرغما إلى المعركة ، من أعان فله أجره وسهمه والمجد للأحرار ، ومن تخاذل لحقه العار ولْيهلك المحتلُ والسمسار!

إن المخاض عسير ، والتحرر له ثمن ، وللحرب تكاليف ، لكنّ الله وعد عباده بالنصر والفتح المبين .. ولا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرُّهم من خذلهم ولا من خالفهم ، قيل: من هم يا رسول الله ؟ قال : ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس