نتائج عصبية الام مع اسرتها - الهرم المصرى نيوز

بقلم / علياء عادل 

الإحسان إلي الأولاد والحرص علي رعايتهم وحسن تربيتهم تعتبر مسئولية عظيمة وأمانة جسيمة مُلقاه علي كاهل الأبوين والمعلمين وأي إهمال فى جانب منها بمثابة خيانة للأمانة، من المؤسف أن يكون الوالدين هما مفتاح الشر وسبب انحراف أبنائهم؛ بتقصيرهما تجاههم فلهما دور كبير فى صلاح الأبناء أو فسادهم؛ إما إكرامهم ورحمتهم وبعد ذلك الانتفاع منهم، أو ظلمهم وحرمهم ثم المصير المؤلم. فالمسئولية لاتقتصر على المأكل والمأوى والملبس، إنما المسئولية تشمل التعليم، والتأديب، والإرشاد، والتوجيه، والتقويم.

الخطر يمكن أن يتربص بهم ليكون سببًا فى هلاكهم، ربما هذا الهلاك يفضي إلي الموت أو لعاهات مستديمة وإعاقات وأمراض نفسية تلازمهم مدي حياتهم، كم طفل تعرض للاغتصاب والاعتداء، وآخر يغرق، وآخر يسقط من طابق مرتفع، وآخر يهلك فى لعبة، وآخر يصعق بالكهرباء، وآخر يفتك نتيجة مشاجرة مع زميل حامل بين يديه سلاح مليء رصاصًا أو أداة حادة حملها سهلًا بين يدي طفل، وآخرون ينحبون حرقًا ودهسًا فى الطرق، وأسر تنسي أطفالها فى الحدائق والشواطئ وفى الحافلات، بينما طفلهم يلقي حتفه في بركة ماء أو ينام أسفل شاحنة، فبراءته وفرحته أنسته أنه ربما وراء هذه المتعة هلاك، وألوان عديدة من الأذي النفسي والجسدي من الصعب على طفل تحملها، بسبب إهمال بالتأكيد غير متعمد لأن لا أحد يتمني أو يتخيل أن يلحق الضرر والأذي بأولاده، ولكن من منطلق التعبير عن أنفسهم ومشاعرهم وسط إهمال شديد ورقابة شبه منعدمة من البعض.

إن أي طفل يولد صفحة بيضاء يسجل فى ذاكرته كل ما يراه ويتعلمه وينشأ على ما تعود عليه أو اقتدى به وهذا يشكل وعيه وسلوكه، أول من يؤثر في الأبناء هما الأبوان، فإذا أراد أن يربوا أبناء صالحين نافعين لهما ولأنفسهم ولأوطانهم، لابد أن يبدأون تنشئتهم التنشئة الإسلامية الصالحة منذ الصغر، غير أن ثمة فرق دقيق بين التربية والتعليم؛ فالتربية هي تنمية شخصية الفرد بشكل كلي ومتكامل، نفسيا واجتماعيا وأخلاقيا، أما التعليم فهو جزء محدود من مفهوم التربية، نجد أن الأبناء يتلقون قدرًا هائلًا من التعليم من كافة السبل والوسائط، لكن تطبيق هذا يعتمد فقط على التربية؛ على سبيل المثال، حين يفتح طفل نافذة سيارة ليلقي غلاف قطعة حلوى في الشارع، هل هذا يعتبر خللا في التربية أم خلل في التعليم؟ بالطبع خلل في التربية، لأنه لم يجعله يطبق ما تلقاه من معلومات عن أهمية الحفاظ على نظافة الشارع، المعلومة موجودة بالفعل لديه مما تعلمه في المدرسة وفي وسائل الإعلام، لكنه لو تربي على أن إماطة الأذي عن طريق الناس من شُعَب الإيمان لم يكن ليرتكب ذلك السلوك.

ليس من حفظ الأمانة ترك الحرية لهم فى مصاحبة من يشاؤون، والخروج حيث يريدون دون رقابة أو توجيه فيتعذر تقويمهم فيما بعد، ولابد من الحرص كل الحرص من وسائل التواصل الاجتماعي لأن مخاطرها كثيرة ومتشعبة، كما أن بعض الأباء تبالغ فى تدليل أبنائها دلالًا يفقدهم شخصيتهم ويحولهم إلي أشخاص لا يمكننا الاعتماد عليهم؛ بتلبية كافة طلباتهم مهما بلغت صعوبتها وفي أي وقت، الأمر الذي يجعل الطفل يشعر بأنه شخص مجاب الطلبات والأوامر ويتحول لشخصية لا نتمني أن ينشأ عليها؛ لأن الإفراط فى التدليل يضعف تحمله للمسئولية، ويجعل الابن يتحكم فى أبويه ويتمرد على سلطتهم ويقلل من احترامه لهم وتنفيذه لأوامرهما، وتتمكن "الأنا" منه لأن كل طلباته مجابة، كما أنه يتحول لشخص غير قادر على التكيف الاجتماعي لأنه يتوقع باستمرار استجابة المجتمع من حوله لغروره وتكبره، وعلى الجانب الآخر هناك آباء تتسبب فى أمراض نفسية وجسدية جسيمة لأولادهم؛ نتيجة المبالغة في العنف والقسوة فى طرق العقاب والتأديب، وكلتا الحالتين تؤذي الأبناء أشد الأذي وتدمرهم.

كذلك ليس من الأمانة ولا المسئولية أن ينشغل الآباء والأمهات بعملهم وأمورهم الشخصية الدنيوية وترك أولادهم معظم الوقت مع الخدم ليشكلوا وعيهم وعاداتهم، ويطمسوا هويتهم، أو إلقاء المسئولية كاملة من على عاتقهم إلى المعلمين فى المدارس، ليلتقوا بأولادهم فى المنزل ساعة أو إثنين على الأكثر على مدار اليوم، و"حجتهم الضعيفة" جلب الأموال، على حساب من؟! خسارة الأبناء لا تعوض وهذه تعتبر خيانة كبيرة للأمانة وهؤلاء الأشخاص لا يحق لهم الإنجاب؛ لأنهم غير مؤهلين له وغير قادرين على تحمل المسئولية تمامًا ومن المفترض محاسبتهم ومسائلتهم من قبل الجهات المختصة لأن الطفل لا حول له ولا قوة فقوته وحياته هي سلاح يرتبط ارتباطاً وثيقًا بولي أمره وتزداد الأمانة رسوخًا عندما يكون هذا الطفل بلا أب ولا أم، فلنكن أكثر رحمة بهم من تلك المخاطر المحاطة، فهذه مسئولية كل مسؤول فكما أننا نمنع عنهم البرد والحر والجوع دورنا نمنع عنهم فساد الدين والأخلاق لمنع إخراج المزيد من أجيال ممسوخة الهوية شاذة السلوك لا تستطيع أن تدافع عن دينها أو عرضها أو أرضها.