وزير الإسكان يعقد اجتماعًا تنسيقيًا لمتابعة آلية عمل وحدتي تنظيم السوق العقارية وتصدير العقار - الهرم المصرى نيوز

كتبه : محمد موسى احمد 

          "معلم بالأزهر الشريف "

ايام رجب وشوال وذي القعدة وذي الحجة أيام مباركات، فضلها عظيم وقدرها كبير ولما لا وهي من الاشهر الحرم التي قال الله فيها "إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ"

قال ابن وهب قال ابن زيد في قوله: (فلا تظلموا فيهن أنفسكم)، قال: الظلم العمل بمعاصي الله، والترك لطاعته.

وروى عن ابن عباس وجعل الذنبَ فيهن أعظم، والعمل الصالح والأجر أعظم.اي في الأشهر الحرم 

وذروة سنام هذه الاشهر هي العشر الأول من ذي الحجة فقد اقسم الله بها فقال تعالى "وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2)" سورة الفجر 

والله عزوجل لا يقسم إلا بعظيم 

وقال تعالى "وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ" سورة البقرة. قال ابن عباس : " الأيام المعدودات " أيام التشريق ، و " الأيام المعلومات " أيام العشر

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: “ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام”، يعني أيام العشر، قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: “ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء”، رواه البخاري. 

ونحن مقبلون على هذه العشر وجب تنبيه الغافل وتذكير المؤمن بفضلها وشرفها حتى يقبل على الله بالطاعات وينجو بنفسه من خطر المعاصي في هذه الأيام المباركات . ‏قال ابن الحوزي في التبصرة : لا نَومَ أثقَلُ من الغَفلة، ولا رِقَّ أملَكَ من الشَّهوة، ولا مصيبة كَموتِ القلب، ولا نَذيرُ أبلغُ من الشَّيب .

  فهذه الأيام طريق فسيح وباب كبير للجنة فتحه الله عز وجل لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد . فلم يجد النبي صلى الله عليه وسلم عمل مساوٍ لفضل العمل الصالح في هذه الأيام إلا رجل خرج يجاهد في سبيل الله بنفسه فمات في المعركة وفني مال .

 صلاة الضحى ، قيام الليل، الصدقة ، صلة الأرحام، ذكر الله، الصوم …. وغيرها من الأفعال الصالحة في الأجر كمن خرج يقاتل في سبيل الله بنفسه وماله فلم يرجع بشيء من ذلك . يقول الحافظ ابن حجر في الفتح: والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره.

  ولا يسع مسلم يسمع عن هذا الفضل الكبير والثواب العظيم الذي اعده الله عز وجل لعباده في هذه الايام الا ان يقول كما قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: كثر خير الله وطاب .

التوبة النصوص هي أول ما يجب أن يستقبل به العبد هذه الأيام . قال الله عز وجل "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا" وقال ايضا {‏‏وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}‏‏ ‏[

وهذا نداء من الله عز وجل لعباده المؤمنين بتجديد التوبة واستغفار الله عما وقع من الذنوب والمعاصي وسيد المستغفرين كان النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة

وقد يسأل سائل ولماذا نبدأ دائما بالتوبة ؟ والإجابة هي أن العائق الذي سيحول بينك وبين الاعمال الصالحة في هذه الايام وغيرها هي الذنوب والمعاصي فالذنوب لها آثار خطيرة على القلوب والأبدان ، وكما أن السموم تضر الأبدان ولا بد من إخراجها من الجسم، كذلك الذنوب تؤثر على القلوب تأثيرًا بليغًا، منها أن المعاصي تزرع أمثالها وتجر أخواتها حتى يصعب على العبد مفارقتها والخروج منها وذلك أنه ما حُرِم أحد خيرا إلا بسب ذنوبه، سواء كان خيرا دينيّاً أو دنيويّاً، قال تعالى:"وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ" 

قيل لسهل التستري: أي شيء يفعل الله بعبده إذا أحبه؟ قال: يلهمه الاستغفار عند التقصير، والشكر له عند النعمة.

 (وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضّرّ) وكان الحسن البصري يقول : 

أكثروا من الاستغفار في بيوتكم، وعلى موائدكم، وفي طرقكم ،وفي أسواقكم، وفي مجالسكم ؛فإنكم لا تدرون متى تنزل المغفرة.

ودرة الأعمال الصالحة التي يجب أن يكثر منها العبد في هذه الأيام هي ذكر الله عز وجل خاصة التكبير والتحميد والتهليل والذكر:

فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) [رواه أحمد]. وقال البخاري ك كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرها. وقال: وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً. وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه، وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاً.

ويستحب للمسلم أن يجهر بالتكبير في هذه الأيام ويرفع صوته به، وعليه أن يحذر من التكبير الجماعي حيث لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من السلف، والسنة أن يكبر كل واحد بمفرده.‏قال ذو النون رحمه الله: "ما طابت الدنيا إلاّ بذِكره -سبحانه-، ولا طابت الآخرة إلاّ بعفوه، ولا طابت الجنان إلاّ برؤيته".

ومن أفضل الأعمال الصالحة في هذه الأيام الصيام لما ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يصومها، ففي سنن أبي داود وغيره عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة…

"

وفي مسند أحمد عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال له رجل: أريت صيام عرفة ؟ قال: احتسب عند الله أن يكفر السنة الماضية والباقية.

يقول الإمام النووي: صوم الأيام العشر بأكملها مستحب ليس أكثر من ذلك.

الإكثار من الأعمال الصالحة: لقوله صلى الله عليه وسلم: "ما من أيام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه العشر"، ومن الأعمال الصالحة التي غفل عنها بعض الناس: قراءة القرآن، وكثرة الصدقة، والإنفاق على المساكين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها. وأفضل ما يجب أن يتقرب به العبد إلى الله في هذه الأيام أن يبدأ بالفرائض فيجتهد في أدائها على الوجه المطلوب فإن فعل فسيفتح الله عليه أبواب النوافل ويتذوق طعم العبادات ففي الحديث القدسي يقول ربناعزوجل: ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته، كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه.

وقال الأوزاعي رحمه الله "خمسةٌ كان عليها أصحاب محمد ﷺوالتابعون بإحسان: لُزومُ الجماعة، واتِّباع السنة، وعمارة المساجد، وتلاوة القرآن، والجهاد في سبيل الله."

فوجب على كل مسلم ومسلمة اغتنام هذه الساعات والمحافظة على الأوقات، وكفى ما ضيعنا في اللهوواللعب .تب إلى الله من تضييع الأوقات، واعلم أن الحرص على العمل الصالح في هذه الأيام المباركة هو في الحقيقة مسارعة إلى الخير ودليل على التقوى، قال تعالى: "ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ" [الحج: 32]، وقال تعالى: "لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ"

ونختم بقول لبيد: 

ألا كُلُّ شيءٍ ما خَلا اللّهُ باطِلُ *** وكلُّ نعيمٍ لا مَحالة.

         —---------------------