دار الكتب تعلن عن الإطلاق التجريبي لخدمة الإيداع القانوني إلكترونيا - الهرم المصرى نيوز

 

بقلم / شيماء الخولي 

استشاري الصحة النفسيه

هل تساءلت يومًا لماذا يشعر بعض الأفراد

 بالأمان والدعم داخل أسرهم، بينما يعاني آخرون من القلق والتوتر الدائم؟ لماذا تكبر بعض الشخصيات بثقة وحب للحياة، بينما يتربى آخرون على الخوف والانعزال؟ السر يكمن في نمط الأسرة ومستوى نضجها العاطفي والتنظيمي.

الأسرة ليست فقط مكانًا نسكن فيه، بل هي البيئة الأولى التي تشكّل شخصياتنا، وتغرس فينا تصوراتنا عن أنفسنا والعالم من حولنا. وفي هذا المقال، سنكشف عن ثلاثة مستويات مختلفة من النضوج الأسري، ونفهم كيف تؤثر هذه الأنماط على حياة الأبناء وسلوكهم، بل وحتى مستقبلهم

مستويات النضوج في الأسرة

تختلف الأسر في مجتمعاتنا من حيث مستوى النضوج والتنظيم الداخلي، ما يؤثر بشكل مباشر على الأفراد داخلها، خاصة الأطفال. ويمكن تصنيف الأسر إلى ثلاثة أنواع رئيسية بناءً على هذا النضوج:

⸻

1. الأسرة المضطربة

وهي الأسرة التي تفتقر إلى وجود سلطة واضحة أو قوانين منظمة تحكم العلاقات بين أفرادها. أبرز سماتها:

• غياب الحدود: لا توجد حدود واضحة بين أدوار الكبار والصغار؛ فيقوم الأطفال بأدوار لا تتناسب مع أعمارهم.

• تواطؤ العلاقات: العلاقات متشابكة ومشوشة، وتفتقر للوضوح والتنظيم.

• غياب التواصل: لا يوجد تواصل حقيقي بين أفراد الأسرة، وغالبًا تسودها الفوضى.

• بيئة غير آمنة: الحياة داخل هذه الأسرة أشبه بالغابة، ما يؤدي إلى آثار نفسية سلبية على أفرادها.

• الإنكار والهرب: أفراد هذه الأسرة غالبًا ما يعيشون في حالة من الإنكار ويهربون إلى الخيال.

• رفض المشاعر: يتم اعتبار المشاعر خطرًا، والتعبير عنها يُنظر إليه على أنه ضعف أو شيء خاطئ.

⸻

2. الأسرة المتسلطة (أو الموازنة جزئيًا)

وهي الأسرة التي تتسم بوجود سلطة جامدة، لكنها تفتقر إلى المرونة والتواصل الفعّال. من ملامحها:

• سلطة قمعية: لا يسمح بتغيير الأدوار، وغالبًا ما يكون القرار بيد الأب أو الأم فقط.

• غياب الحوار: لا يتم الاستماع إلى آراء الأطفال، ولا يُسمح بالتفاوض أو التعبير الحر.

• تمييز في الحقوق: لا توجد مساواة بين أفراد الأسرة، خصوصًا بين الرجل والمرأة.

• تواصل سطحي: يوجد نوع من الاهتمام الشكلي، دون تواصل عميق أو دعم عاطفي حقيقي.

• بعض التشوهات النفسية: رغم وجود بعض الاتصال بالواقع، إلا أن هذا النوع من الأسر ما زال يحمل تشوهات تؤثر في النمو النفسي للأبناء.

• المشاعر مقيدة: يتم قبول مشاعر معينة فقط، بينما يُقمع أو يُرفض التعبير عن الأخرى.

⸻

3. الأسرة الناضجة أو الصحية

وهي الأسرة التي تتسم بالتوازن، وتوفر بيئة آمنة ومحفزة للنمو النفسي والاجتماعي السليم. خصائصها:

• سلطة متوازنة: يوجد تحالف صحي بين الوالدين، ويُمارس كلٌ منهم سلطته بشكل عادل.

• احترام متبادل: تُبنى العلاقة بين أفراد الأسرة على الاحترام والثقة.

• حدود واضحة: لكل فرد دوره وواجباته وحقوقه المحددة، مع احترام لهذه الحدود.

• تواصل فعّال: يوجد انفتاح في التعبير عن المشاعر والآراء، مع وجود قنوات تواصل مستمرة.

• مشاركة في القرارات: يتم إشراك الأبناء في اتخاذ القرارات بشكل يناسب أعمارهم، مما يعزز إحساسهم بالمسؤولية والانتماء.

• دعم نفسي: يتم تقديم الدعم والمساندة بشكل مستمر، ما يساهم في تعزيز الصحة النفسية.

• واقعية وتفاؤل: تنظر الأسرة للأمور بإيجابية، مع وعي بالواقع والقدرة على التعامل معه.

• قبول المشاعر: جميع المشاعر مقبولة، ويمكن التعبير عنها بحرية دون خجل أو خوف.

• طلب المساعدة طبيعي: يُشجَّع أفراد الأسرة على طلب المساعدة دون الشعور بالضعف.

⸻

في الختام

يتطلب بناء أسرة ناضجة وفعّالة وعيًا وتواصلًا مستمرًا، فكل فرد في الأسرة يساهم في تشكيل بيئتها. وبتعزيز الحوار والاحترام وتقبل المشاعر، يمكننا بناء أسر أكثر صحة وسعادة، مما ينعكس بشكل إيجابي على المجتمع بأكمله

شيماء الخولي 

استشاري الصحة النفسيه