الدكتورة هدير محمود فايد تكتب طفلي عنيد؟ طب ما يمكن دي ميزة - الهرم المصرى نيوز

 

بقلم/ احمد السيد جاب الله 

شهدت العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي توترات متزايدة في السنوات الأخيرة، خاصة في ظل تنامي النزاعات التجارية التي تهدد بتحولها إلى حرب تجارية شاملة. هذه النزاعات لم تنشأ من فراغ، بل هي نتاج سياسات حمائية متبادلة، واختلافات في الرؤى الاقتصادية، بالإضافة إلى المنافسة على الهيمنة الاقتصادية والتكنولوجية العالمية. في هذا المقال، سنستعرض أسباب هذه الحرب التجارية، أهم مظاهرها، تداعياتها على الاقتصاد العالمي، وإمكانية تجاوزها في المستقبل.

## **أسباب الحرب التجارية**  

### **1. الرسوم الجمركية المتبادلة**  

بدأت المواجهة التجارية بين الطرفين بشكل واضح خلال فترة رئاسة **دونالد ترامب**، الذي فرض رسوماً جمركية على واردات الصلب والألمنيوم الأوروبية بنسبة **25% و10%** على التوالي عام 2018، بدعوى حماية الصناعة الأمريكية. رد الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم على سلع أمريكية مثل **الدراجات النارية، البوربون، والجينز**، مما زاد من حدة التوتر.

### **2. دعم صناعة الطائرات والمنافسة بين بوينج وإيرباص**  

منذ عقود، تتهم الولايات المتحدة الاتحاد الأوروبي بدعم شركة **إيرباص** بشكل غير عادل، بينما تتهم أوروبا أمريكا بدعم **بوينج**. وقد أقرت منظمة التجارة العالمية (WTO) في عدة أحكام بأن كلا الطرفين يقدم إعانات غير مشروعة، مما أدى إلى فرض عقوبات تجارية متبادلة.

### **3. الخلاف حول الضرائب الرقمية**  

تفرض بعض الدول الأوروبية، مثل فرنسا، ضرائب على الشركات التكنولوجية الأمريكية العملاقة مثل **جوجل، أمازون، وفيسبوك**، مما أثار غضب واشنطن التي هددت بردود فعل تجارية. أمريكا ترى أن هذه الضرائب تستهدف شركاتها بشكل تمييزي.

### **4. سياسة "أمريكا أولاً" والحمائية**  

تبنت إدارة ترامب سياسة اقتصادية حمائية تحت شعار **"أمريكا أولاً"**، مما أدى إلى تصاعد النزاعات مع الشركاء التجاريين، بما في ذلك أوروبا. ومع أن إدارة **بايدن** خففت من حدة هذه السياسة، إلا أن بعض التوترات لا تزال قائمة.

## **تداعيات الحرب التجارية**  

### **1. تأثير سلبي على النمو الاقتصادي**  

أدى فرض الرسوم الجمركية إلى ارتفاع أسعار السلع في الأسواق الأمريكية والأوروبية، مما أثر على المستهلكين والشركات في كلا الجانبين. وفقاً لبعض التقديرات، كبدت هذه الحرب الاقتصاد العالمي **مليارات الدولارات** بسبب تباطؤ التجارة.

### **2. تهديد التحالف الغربي**  

النزاعات الاقتصادية تضعف العلاقات السياسية بين الولايات المتحدة وأوروبا، خاصة في ظل تنامي الدعوات داخل أوروبا لتعزيز الاستقلال الاقتصادي عن أمريكا.

### **3. تعزيز التوجه نحو التكتلات الاقتصادية الأخرى**  

بعض الدول الأوروبية بدأت تتجه نحو تعزيز شراكاتها مع الصين ودول آسيا كبديل عن السوق الأمريكية، مما قد يغير خريطة التحالفات الاقتصادية العالمية.

## **المستقبل: هل من حل في الأفق؟**  

مع وصول **جو بايدن** إلى البيت الأبيض، تحسنت الأجواء بين الطرفين، حيث تم تعليق بعض الرسوم الجمركية مؤقتاً. لكن الخلافات الهيكلية، مثل دعم الصناعات والضرائب الرقمية، لا تزال قائمة. الحل الأمثل يكمن في:

- **تفاوض شامل** تحت مظلة منظمة التجارة العالمية.  

- **تنسيق سياسي واقتصادي** لمواجهة المنافسة الصينية المشتركة.  

- **إصلاح نظام التجارة الدولية** لتجنب النزاعات المستقبلية.  

## **الخاتمة**  

الحرب التجارية بين أمريكا وأوروبا ليست مجرد نزاع اقتصادي، بل هي صراع على النفوذ والسيطرة في نظام عالمي متغير. في حين أن كلا الطرفين يرغبان في تجنب تصعيد مكلف، إلا أن المنافسة الاستراتيجية قد تدفع إلى مزيد من التوتر. التعاون والحوار يبقىان السبيل الوحيد لتجنب انهيار النظام التجاري الدولي.