شم النسيم هنا يختلف مدينة نويبع جنوب سيناء - الهرم المصرى نيوز

 

بقلم : هدى حسن آل زغبي

"لم تعد رائحة الفل والياسمين تعبق بشوارعنا، بل استبدلتها رائحة كريهة تنذر بالخطر. دخان كثيف يتصاعد من زوايا الأحياء السكنية، مشهد مألوف يثير القلق والاشمئزاز. لقد تحول تعاطي مخدر الحشيش من ممارسة خفية إلى ظاهرة علنية تهدد سلامة مجتمعنا. فلماذا تفاقمت هذه المشكلة؟ وما هي آثارها المدمرة؟ وكيف يمكننا أن نتكاتف لمواجهتها؟"

"أتذكر شوارع طفولتنا ومراهقتنا، حيث كان بائعو الفل والورد ينشرون عبيرهم الزكي في كل مكان، يخففون من حدة ضجيج السيارات. ولكن فجأة، اختفت هذه الروائح الجميلة، وحلت محلها روائح نفاذة مقززة تنبعث من الأزقة والأرصفة، خاصة في مواقف السيارات والأسواق العشوائية. رائحة الحشيش، وربما أنواع أخرى من المخدرات، باتت تسيطر على الأجواء في وضح النهار، حتى في شهر رمضان المبارك. لقد اختفى بائعو الفل، وحل محلهم تجار السموم المتخفون."

"تقول السيدة (س.أ): 'في طريقي اليومي إلى بيت والدتي، أقطع مسافة كيلومتر واحد، وأمر خلالها على ثلاثة أو أربعة تجمعات لشباب تتراوح أعمارهم بين السادسة عشرة والتاسعة عشرة، تنبعث منهم رائحة كريهة تشبه رائحة الملوخية المحترقة، كما تصفها ابنتي.'"

"لا تقتصر أضرار هذه الظاهرة على الرائحة الكريهة فحسب، بل تمتد لتشمل ارتفاعًا مخيفًا في معدلات الشجار والحوادث المروعة. تشير إحصائيات وزارة الداخلية إلى زيادة مقلقة في حوادث العنف المرتبطة بتعاطي المخدرات خلال العام الماضي. حوادث أخلاقية كمعاكسة الفتيات والتحرش، ومشاجرات عنيفة لأسباب تافهة، وحوادث سير مروعة، وجرائم قتل بشعة، كلها نتائج مدمرة لهذه الآفة. ولا ننسى سباقات الدراجات النارية المميتة، التي غالبًا ما تكون مصحوبة بجرعات مخدرة تودي بحياة الشباب."

"تتعدد الأسباب التي ساهمت في تفاقم هذه المشكلة، ومنها: غياب دور الأهل في التربية والمتابعة، وتأثير النماذج السلبية في وسائل الإعلام، ونقص التوعية والتثقيف، وغياب الأنشطة والهوايات التي تهذب سلوك الشباب، وتراجع الوازع الديني، وضعف الرقابة الأمنية في الشوارع. كل هذه العوامل ساهمت في انتشار هذه الظاهرة وتحولها إلى عادة مقبولة."

تقوم الدولة ببعض الجهود لمواجهة مشكلة تعاطي المخدرات ولكنها تحتاج إلي تكثيف جهودها ، و خلق منظومة متكاملة تشمل المدرسة والأهل والهيئات الدينية ووسائل الإعلام للحد من هذه الظاهرة وحصرها في أضيق نطاق ممكن 

- اقترح أن تنظم الدولة عن طريق الهيئات الإرشادية الخاصة حملات توعية مستمرة في المدارس عن خطورة المخدرات وخطورة تلك التجمعات وكيفية التعامل معها .

- حملات إرشادية توعوية مدعومة برجال الأمن تجوب الشوارع مهمتها التحدث مع الشباب وتوعيتهم بخطورة الآثار المترتبة على غيابهم عن الوعي تحت تأثير المخدر .

- اعلانات توعية مشددة للأهل والمحيطين بالمتعاطي بضرورة الإبلاغ عنه لمساعدته للتعافي .

- تغليظ عقوبات التعاطي في الشوارع وبين المارة .

كيف سيتذكر أطفال هذا الجيل ماضيهم؟ هل سيعتادون هذه الرائحة الكريهة وتصبح جزءًا من ذكرياتهم؟ لكي لا يحدث ذلك، ولكي لا تتحول هذه الظاهرة إلى عادة مجتمعية، يجب علينا جميعًا أن نتكاتف لمواجهتها بكل الوسائل الممكنة. يجب أن نرفض وجودها ونحارب كل تجمع مشبوه في شوارعنا، بالنصح والردع. على كل مربي وكل فرد واعٍ أن ينصح من يعرفه من المتعاطين ويحثه على العلاج والتعافي. وعلى الدولة أن تكثف جهودها في التوعية وملاحقة هذه التجمعات والقضاء عليها تمامًا. يجب علينا جميعًا أن نتمسك بحقوقنا الإنسانية في بيئة صحية وهواء خال من رائحة الحشيش ."