صرف النظر عن فيلم النونو علاء مبارك ينتقد وتركي ال الشيخ يفند - الهرم المصرى نيوز

 

بقلم  /طارق محمد حسين

تعد مرحلة الشيخوخة من أكثر المراحل العمريـة التي تنبئ الإنسان بقرب أجله ،والتي يكتنفها بصــورة عامة نوع من الاضطرابات على المستوى الفسيولوجي والسيكولوجي ، والذي يتمثل بالخمــول والعجـــز والعزلة والحزن والفراغ الكبير، فبعد أن كانت حياة الإنسان تعمر بالنشاط والفعالية والمتعة في المراحل العمريـة السابقة لهذه المرحلة ، وحيث أن فتور حيوية الحياة وفعالياتها يضفي نوعاً من الحزن والقنوط بالنسبة للمسن ، وخاصة عندما يشعر بفارق التغيرات الكبيرة التي تحدث له مع مرور الزمن وعلى كافـــة الأصعدة والميادين ، وقد يكون من أشد هذه المتغيرات وطأة عليه ومن أكثرها مدعاة للحزن والعزلــة هو أنعدم حالــة التفاعل مــع الأسرة والمجتمع الذي يحيا فيه. فغالبا ما ينفض الكثير منا من حول المسن بحجة مشاغل الحياة مما يشعره بالوحدة وقلة الأهمية وبانتهاء دوره في الحياة ،فقال الله تعالى في سورة الإسراء (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا) صَدَقَ الله الْعَظِّيِمْ . ولقد دعانا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن نحسن معاملة كبار السن من الوالدين وغيرهم وأن نوقرهم ، فقال صلى الله عليه وسلم : (ما أكرم شاب شيخا لسنه إلا قيَّض الله له مِن يكرمه عند سنه) ، وأن إحترام وتقدير كبار السن يعكس أخلاق الأمة الإسلامية ، وأوجبت الشريعة و الدين الاهتمام بهم وتوقيرهم وتوفير احتياجاتهم والتقرب إليهم بالمودة والرحمة ، والاقتداء بهم والأخذ بنصائحهم والاستفادة من خبراتهم على محمل الجد والاهتمام ، وتأكيد أهميتهم بالمجتمع ، والنبي صلى الله عليه وسلم أمرنا باحترام الكبار وتوقيرهم وحذر مِن إنكار هذا الحق فقال (ليس منا مَن لم يوقر الكبير ويرحم الصغير ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر) ، وقد  اتفق أغلب العلماء أن سن ٦٠ سنة هو بداية لمرحلة الشيخوخة ، وإن أصبح معدل العمر الآن يتزايد وذلك بفضل الله ثم بفضل التقدم العلمي في الرعاية الصحية المقدمة ، والتي ترعى الإنسان منذ أن يكون نطفة في بطن أمه وحتى مماته ، وعليه فإن العمر الزمني ليس مؤشر جيد لتحديد الشيخوخة ، وربما كان أفضل تعبيرا عن المسن هو "كل إنسان أصبح عاجز عن رعاية  نفسه وخدمتها" إثر تقدمه في العمر نتيجة مجموعة تغيرات جسمية ونفسية كالضعف العام في الصحة ونقص القوى العضلية وضعف الحواس والطاقة الجسمية والبصرية وضعف الانتباه والذاكرة وغيرها من الحواس وليس بسبب إعاقة عادية ، ومن الأمور التي من الممكن أن تجعل الشخص المسن يتأقلم مع الضغوط و القلق و تخطي صعوبات الحياة ، تواجد  الدعم و المساندة من الأشخاص المقربين له من العائلة و الأصدقاء ، أن الدعم النفسي والاجتماعي والمساندة  الاجتماعية من خلال شبكة علاقاته الاجتماعية التي تضم كل الأشخاص الذين لهم اتصال اجتماعي منتظم بشكل أو بآخر مع الفرد المسن ، وتضم هذه الشبكة في الغالب الأسرة والأصدقاء وزملاء العمل ، وليست كل شبكات العلاقات مساندة إذ أنها أحيانًا تعتمد على دعم وصحة متلقي المساندة أي المسن ، إن  المساندة الاجتماعية تعتمد على صحة الفرد وسلامته النفسية ، وليس على كثرة علاقاته الاجتماعية. وقد أكدت نتائج الدراسات على أهمية الدور البارز الذي تقوم به المساندة الاجتماعية من الأسرة في تخفيف الآثار السلبية لمواجهة الفرد للضغوط النفسية في مرحلة الشيخوخة ، إن واجب المجتمع ومؤسساته  تهيئة الظروف المادية والنفسية والاجتماعية للرفع من مستوى جودة الحياة لدى  المسنين ، ولا شك في أن المجتمعات المتحضرة هي التي تهتم وترعي كبار السن وتوفر لهم سبل الحياة السهلة البسيطة بل تقدم تسهيلات في الإجراءات والخدمات المقدمة لكبار السن ، كتحسين المعاشات المادية وتخفيض الرسوم والاشتراكات في الخدمات العامة كالمواصلات والنوادي والخدمات الصحية وغيرها، وهذا من قبيل تكافل المجتمع وردا للجميل ، حيث أنهم سبق ان خدموا وقدموا الكثير للمجتمع في مراحل العمر المختلفة ، فحان وقت رد الجميل لهم وإكرامهم فى ضعفهم ، لذا  يجب الا تهمل فئة  كبار السن والمسنين وتوفير سبل الحياة الكريمة لهم من مسكن ومأكل ورعاية صحية واجتماعية جيدة ، وإنه لمن العار على مجتمع يفخر بحضارة ممتدة من آلاف السنين لطالما نتباهى بها ، ان نجد بعض المسنين مشردين يعيشون في الشوارع والطرقات بلا مأوى أمن ، فإذا كانت الدولة غير قادرة علي توفير الحياة الكريمة لهم لاعتبارات مادية ، فلماذا لا تشرع قانونا يسهم فيه المجتمع  فى بناء وتجهيز والإنفاق على دور المسنين للمشردين والذين تلفظهم الأسر الجاحدة ، وذلك من خلال فرض رسوم أو طابع "رعاية المسنين " على الخدمات المقدمة للمواطن بالمرور أو الشهر العقاري وخلافه ، وتوفير هذه الموارد مع تقديم دعم الدولة نستطيع إنشاء عدد كاف من دور رعاية المسنين بكل المحافظات والمدن ، وحتى يتسنى لهذه الفئة ممارسة حياتهم بفعالية واحترام وأدمية ، وكذا الاهتمام بالخدمات النفسية والصحية والاجتماعية المقدمة للمسنين باعتباره حق أصيل  لهم وواجب من المجتمع  تجاههم ، وذو اثر ايجابى وفعال في المجتمع .              بقلم  /طارق محمد حسين