تهنئة خاصة من إدراة الجريدة إلي مقدم شرطة : صلاح الرصاص بمناسبة توليه المنصب الجديد بشرطة السياحة والآثار - الهرم المصرى نيوز

 

The effect of stress on the nervous system

إعداد 

د / مروة عبد الحكيم عوض لطيف 

دكتوراه علم النفس ـ جامعة عين شمس

 

مدخل الدراسة

مقدمة الدراسة: 

تتمثل الضغوط التي يتعرض لها الإنسان في العصر الحديث ظاهرة جديرة بالاهتمام لِمَا لها من تأثير على كثير من جوانب حياة الفرد ولما تسببه من تكاليف باهظة جراء علاج الأمراض والمشكلات التي تنجم عنها أو تترافق معها، ورغم تعدد مصادر الضغوط  وتنوعها تبقى إصابة أحد أفراد الأسرة بأحد الأمراض من أكثر العوامل النفسية والاجتماعية المسببة للضغط.

والضغط النفسي هو أكثر   شيوعًا بجانب اضطرابات أخرى مثل القلق والمخاوف المرضية، وغيرها. ويرجع سبب تفشيه إلى احتمالية إصابته العالية لأي فرد وتعقّد الكثير من أمور الحياة وانسحاب القيم الروحية التي كانت تمد للإنسان شيئًا من الطمأنينة والسلام. 

قد يؤثر التعرض للضغوط النفسية بصفة مستمرة على صحة ادمغتنا وقدرتها على أداء وظائفها بكفاءة ، ويظهر تأثير الضغط النفسي على المخ في القدرات الإدراكية ، والذاكرة، والانفعالات ،بل ربما يزيد من بعض الاضطرابات المعرفية والنفسية

إن موضوع الضغط النفسي هو موضوع العصر، حيث أنه يمس جميع شرائح المجتمع بلا استثناء.

     وإذا كانت الضغوط تعد أمرا حتميا لا يمكن تجنبه في الحياة فإن مستوى الضغط يختلف بين الأفراد حسب الموقف الذي يوجد فيه كل فرد، فإذا تضمنت المواقف الضاغطة مطالب وحاجات في حدود قدرة الشخص وإمكاناته واستطاع تحقيقها يحدث التكيف، أما إذا تضمنت هذه الضغوط مطالب فوق طاقة وقدرة احتمال الفرد عليها فإن ذلك يؤدي إلى سوء التكيف والاضطراب وخصوصا اضطراب الجهاز العصبي ،وعلى هذا فإن الضغوط عند حد معين تعتبر قوة دافعة نحو تحقيق الهدف، وبالتالي يكون الفرد قادرا على التكيف ،أما إذا تجاوزت ذلك الحد فأنها تصبح خطرة ومهددة. ومما لاشك فيه أن الفرد عندما يكون واقعا تحت الضغط يكون مختلفا عنه في الحالات العادية، وان المواقف الضاغطة التي يتعرض لها الفرد يكون لها تأثيرات السلبية على الصحة النفسية والجسمية وعلى نمو شخصيته ،إذ تشير الإحصاءات العالمية أن (%80) من الأمراض الحديثة سببها الضغوط النفسية وان (%50) من مشكلات المرضى المراجعين للأطباء والمستشفيات ناتجة عن الضغوط النفسية وأن (%25) من أفراد يعانون شكلا من أشكال الضغط النفسي (أحمد الغرير،2010، ص14). كما ذكر باول  وانرايت  (,1999Enrigght  &Powel (  أن (%80) من أمراض العصر مثل النوبات القلبية وتقرحات المعدة وضغط الدم وغيرها، كانت بدايتها الوقوع تحت الضغوط النفسية (النوايسة 2013، ،ص17). وقدا أوضحت الدراسات والأبحاث أيضا، أن الضغوط النفسية والمواقف والخبرات المؤلمة والمحبطة التي يتعرض لها الإنسان، تقوده إلى العديد من الاضطرابات المعرفية والانفعالية والسلوكية والسيكوسوماتية، التي يمكن أن تعوق الفرد وتجعله غير قادر على القيام بدوره ومسؤولياته في ا}الات الاجتماعية والأسرية والمهنية والأكاديمية .وهوما أشار له (مفتاح عبد العزيز ،2010ص194)، ذلك أن الأفراد على اختلاف وظائفهم يتعرضون للضغوط النفسية.

وهو ما دفع الباحثين لدراسة تأثير الضغوط على الجهاز العصبي للفرد.

مشكلة الدراسة:

إن اكتشـاف الأثـر الكبيـر الـذي تخلفـه المواقـف الضـاغطة علـى الصـحة الجسـدية كـان مـن أكبـر الإنجـازات فـي تاريخ العلوم الطبيعية و العلوم الإنسانية خاصة ،على الرغم من بقاء هذا الاكتشاف مهملا لمدة من الزمن. ففي حوالي العام 2000 ق م أشار الطبيب (جالينوس Galen ( إلى أن احتمال إصابة المرأة الكئيبة بسرطان الصدر يفوق احتمال إصـابة المـرأة المتفائلـة بـالمرض نفسـه( علـي  ،2000 :ص336). و مـع ذلـك فقـد بقيـت هـذه الظـاهرة الجـديرة بالاهتمـام

خـارج نطـاق اهتمامـات العـاملين فـي مجـال العلـوم النفسـية و الجسـمية حتـى الربـع الأخيـر مـن القـرن العشـرين (علـي  ،2000 : ص336). وخلال هذه الفتـرة تمكـن العديـد مـن البـاحثين مـن الكشـف عـن وجـود علاقـة بـين الضـغوط النفسـية و بـين عـدد كبيـر مـن المتغيـرات المتعلقـة بالإنسـان و تعاملـه مـع البيئـة ابتـداء بـالأمراض المستعصـية و انتهـاء بـالعوارض البسيطة التي تعكر صفو حياته. إلا أن البحث الحالي في مجال الضغوط النفسية ارتـبط ارتباطـا وثيقـا بدراسـة الأمـراض النفسجسدية , فمما لا شك فيه أن الأحداث الضاغطة تكون غالبا مسؤولة عن ظهور العديد من الأمراض الجسدية مثل: القرحـة، السـكري، ارتفـاع ضـغط الـدم الأساسـي... و لـيس هـذا فحسـب بـل قـد تتعـدى ذلـك للتـأثير علـى قـدرة الجسـم فـي مقاومـة الالتهابـات و الأورام أي علـى جهـاز المناعـة. هـذا الأخيـر الـذي هـو عبـارة عـن نظـام متعـدد الطبقـات، مكـون مـن دفاعـات بيولوجيـة، مهمتهـا الأساسـية هـي الـدفاع عـن الجسـم وحمايتـه مـن البكتيريا، الفيروسـات، الطفيليـات التسـممات، الخلايــا الســرطانية و جميــع مســببات المــرض الأخــرى و عواملــه (مــارتن  ،2001 :ص77) و لهــذا فــإن أي اضــطراب يصيب هذا الجهاز يجعل الإنسان عرضة لعدد غير متناهي من الأمراض الخطيرة ، والأخطر من كل ذلك هو أن هناك العديـد مـن الدراسـات الحديثـة تشـير إلـى أن الضـغوط النفسـية و الحالـة الوجدانيـة قـد تـؤثر سـلبا- مباشـرة أو مـن خـلال الجهـاز العصـبي المركـزي أو الهرمونـات التـي مـن المعروف أن الجسـم يطلقهـا عنـدما يكـون الفـرد تحـت وطـأة الضـغوط  النفسية المختلفة -على جهاز المناعة لدى الإنسان ، الأمر الذي يجعله عرضة للإصابة بـالأمراض التـي يسـتطيع جهـاز المناعة عندما يكون سليما وقاية الجسم منها (فايد  ،1998 :ص336(.

إلى أي مدى يمكن للضغوط النفسية أن تؤثر على استجابات الجهاز العصبي من خلال إضـعافه؟ ". والإجابـة عن هذا التساؤل تقتضي الإجابة على الأسئلة الفرعية التالية :

1-هل توجد فروق جوهرية بين الجنسين في متوسطات درجات الضغوط النفسية لصالح الإناث. 

2 - هل توجد فروق جوهرية بين الأفراد الأكبر سنا و الأفراد الأقل سنا فـي متوسـطات درجـات الضـغوط النفسـية لصـالح الأفراد الأقل سنا .

3 - هل توجد فروق جوهرية بين مرتفعي و منخفضي الضغوط في متوسطات عدد بعض خلايا الجهاز العصبي.

فرضيات الدراسة: بناءا على إشكالية البحث و يمكن صياغة فرضيات الدراسة كما يلي:

1_توجد فروق جوهرية بين الجنسين في متوسطات درجات الضغوط النفسية لصالح الإناث .

2 - توجـد فـروق جوهريـة بـين الأفـراد الأكبـر سـنا و الأفـراد الأقـل سـنا فـي متوسـطات درجـات الضـغوط النفسـية لصـالح الأفراد الأقل سنا .

3 - توجد فرو ق جوهرية بين مرتفعي و منخفضي الضغوط في متوسطات عدد بعض خلايا الجهاز العصبي.

مصطلحات الدراسة:  تتمثل مصطلحات الدراسة في الاتي: 

1-الضغط النفسي: Psychological stress

الضغط عبارة عن قوة كافية لتسبب حالة من التوتر والشد أو النشوية والإفساد لما تقع علية

من الأشياء أو الناس، وعندما يصبح الضغط Stress شديدا فقد يغير ما وقع علية إلى

شكل آخر أو صورة أخرى.

 ( العيسوي،1992:ص114)

وعرفها الحلو  (1989) : بأنها تتمثل بالمشاكل والصعوبات والأحداث التي قد تواجه الفرد في

حياته اليومية وتسبب له توترا أو  تشكل له تهديد  أو تكون عبئا عليه.

(الكيكي ، 2007:ص 260)

ويعرفه (لازروس) : أنه حالة من التوتر الانفعالي، تنشأ من المواقف التي يحدث فيها اضطراب في الوظائف الفسيولوجية والبيولوجية وعدم كفاية الوظائف المعرفية اللازمة لموقف ".                                                              ( بن غيشر2017:ص211)

ويعرفها ليفن وسكوتش(1970):  بأنه حالة من الاضطراب وعدم كفاية الوظائف الصرفية ويتضمن المواقف التي يدرك فيها الفرد أن هناك فرقا بين ما يطمو منو سواء كان داخليا أم خارجيا وقدرته عمى الاستجابة ليا.

(حساني, 2015:ص7)

2-الجهاز العصبي: Nervous System

 وقد عرفة (معجم علم النفس والطب النفسي:ص2366) : جهاز يضم المناطق العصبية والخلايا والمستقبلات ينسق أنشطة الكائن الحي في استجابته للإشارات المدركة من البيئتين الداخلية والخارجية ويعمل ذلك مع الغدد الصماء. وينقسم تشريحياً إلى الجهاز العصبي المركزي والجهاز العصبي الطرفي كما ينقسم وظيفياً إلى جهاز عصبي بدني somatic يقوم بجميع الوظائف الإرادية والشعورية والحسية والحركية، وجهاز عصبي مستقل يقوم بالعمليات اللاإرادية والأوتوماتيكية والحشوية.

الإطار النظري ودراسات سابقة

سوف يتم في هذا الفصل عرض متغيرات الدراسة، حيث يتم تقسيمها إلى مبحثين، المبحث الأول: الضغوط النفسية، المبحث الثاني: الجهاز العصبي، وسوف يتم عرضهم بالتفصيل كما يلي: 

المبحث الأول : الضغوط النفسية

يواجه الفرد في حياته العديد من المواقف الضاغطة والتي تتضمن خبرات غير مرغوب فيها لا يمكنه تجنبها بل يتحتم عليه التكيف معها، وتتراوح هذه المواقف ما بين السلبية كخطر فعلي أو الإيجابية كتحقيق النجاح؛ لذا فإن الاستجابة للضغوط و انتهاج استراتيجيات مجابهة معينة هي التي تحدد تأثير الضغوط على الأفراد (مارثا ديفيز و آخرون، 2005، 1).

نشأ الضغط النفسي نتيجة التفاعل ما بين الفرد ومجموعة العوامل الخارجية او الداخلية البيئية منها والشخصية والتي تتمثل في العوامل الجسمية والعقلية والانفعالية اذ يؤكد دانزي danzi  على ان الضغط النفسي ينشأ من عوامل جسمية مثل تلف في احد اعضاء الجسم وعوامل عقلية وانفعالية مثل القلق والخوف ويرتبط الضغط النفسي بأفعال وانفعالات سلبية وايجابية فمثال قد يصبح الفوز بجائزة ضاغطا الاحتمالية كسب الجائزة او خسارتها.

وقد تنشأ الضغوط من داخل الشخص نفسه نتيجة الأزمات التي يعيشها وتسمى ضغوطاً داخلية، او قد تكون من المحيط الخارجي، مثل العمل، العالقة مع الأصدقاء والاختلاف معهم في الرأي او الاضطرابات الأسرية او المشكلات العائلية او خلافات مع شريك الحياة، او الطالق او موت شخص عزيز او خسارة مالية تجارية او التعرض لموقف صادم مفاجئ تسمى ضغوطا خارجية.

وعلى العموم فإن الضغوط سواء اكانت داخلية المنشأ نتيجة انفعالات او الحالة النفسية وعدم قدرة الفرد على البوح بها وكبتها او ضغوطا خارجية متمثلة في احداث الحياة فإنها تعد استجابات لتغيرات بيئية. فإحداث الحياة اليومية تحمل معها ضغوطا يدركها الأنسان عندما يسير باستمرار المواقف المختلفة في العمل او التعاملات مع الناس او المشكلات التي يجد لها حلول مناسبة او تسارع احداث الحياة ومتطلباتها وهي تحتاج الى درجة اعلى من المسايرة لغرض التوافق النفسي وربما يفشل في هذه الموازنة الصعبة فحتى اسعد البشر تواجههم الكثير من خيبة الآمل والصراعات والإحباط  والأنواع المختلفة من الضغوط اليومية ولكن عددا قليلا منهم نسبياً هم الذين يواجهون الظروف القاسية.

يمكـن تعريـف الضـغوط النفسـية علـى أنهـا عبـارة عـن اسـتجابات غيـر نوعيـة لمثيـرات مختلفـة بالغـة القـوة يخبرهـا الفرد على هيئة انفعالات سلبية ، تشتمل على ثلاث عناصر أساسية، والتي تتمثل في عنصر المثيرات وعنصر الإدراك الذي يضفي معنى على المثيرات التي يتعرض لها الفرد مما يولد لديه انفعـال معـين اتجـاه هـذه المثيـرات. وأخيـرا عنصـر الاستجابات والتـي تحـدد كيفيـة مواجهـة الفـرد للمواقـف الضـاغطة. و للضـغط النفسـي مصـادر متعـددة و متنوعـة ، تنقسـم إلى قسمين رئيسيين : مصادر بيئية خارجية  (فيزيقية واجتماعية) ومصادر داخلية ( نفسية وجسيمة.

و تتوقــف اســتجابة الأفــراد للضــغوط النفســية علــى مجموعــة مــن العوامــل الفرديــة المتداخلــة والمتضــافرة كالســن، الجنس، المستوى الثقافي، الحالة الصحية، الخبرات السابقة... الخ؛ فمثلا تشير الدكتورة (عزيـزة السـيد) أسـتاذة علـم الـنفس ورئيسـة وحــدة الاستشـارات النفسـية و الاجتماعيــة بكليـة البنـات ، جامعــة عـين شـمس إلــى أن الضـغوط النفســية المرأة أكثر عرضـة للضـغوط النفسـية ، إذ تقـدر نسـبة الإصـابة بـين النسـاء إلـى ّ تنتشر في مختلف المراحل العمرية و أن الذكور بـ ( 03 إلى 01(.

ونجد أن مسببات الضغط يمكن تصنيفها الى مسببات داخلية كوظائف الأعضاء، والطبيعة الشخصية كالعقل وما يحمله من افكار ومسببات خارجية كالأمور الشخصية والمعيشية والظروف البيئية. وتعتمد مسببات التوتر على : التجارب السابقة، ونمط الشخصية، البرمجة السابقة للوعي ويمكن تقسيم مسببات الضغوط الى العوامل التالية:

أولا: احداث ومشكلات نفسية داخلية:

 ويدفعه على مقاومة الأخطار والأعداء لمواجهة المستقبل فتلك وظيفة لا بأس بها من الوظائف التكيفية والصحية للانفعال فالخوف لدى المريض المصاب بارتفاع ضغط الدم قد يكون قوة دافعة له لكي يحد من الصوديوم في طعامه ولكي يتذكر تعاطي ادويته بانتظام والخوف لدى المريض المصاب بالسكر يدفعه على المستوى اليومي تقريبا الى الاهتمام بوزنه ومراقبة طعامه جيدا والانتظام في اخذ كمية الأنسولين المطلوبة.

لكن في حالات كثير قد تتحول الانفعالات الى مصدر من مصادر الاضطراب في الحياة النفسية والاجتماعية للفرد بما فيها وظائفه البدنية وما يرتبط بها من صحة او مرض كما في حالات القلق والاكتئاب النفسي والإصابة بالأمراض النفسية المختلفة.

ثانيا: الظروف والمشكلات الصحية :

تنشط الغدد وتتضخم الغدة الأدرينالين بشكل خاص ويتزايد اطلاق الأدرينالين منها عندما نواجه ضغوطا او مشكلات صحية ونتيجة لهذا النشاط غير العادي في افرازات الأدرينالين تتحول الأنسجة الى جلوكوز يمد الجسم بطاقة لتجعلها في حالة تأهب دائم وهو شيء يحدث لدينا جميعا في المواقف الانفعالية وقد اثبت سيلي ان استمرار تعرض حيواناته للضغوط الصحية بما في ذلك تعريضها لبرودة شديدة او لدرجات عالية من الحرارة او بحقنها بفيروسات يفقدها القدرة على المقاومة طويلا. فالمرض يمثل بالنسبة لها في البداية مشقة تتطلب منها مزيدا من حشد الطاقة  تمر عليها ثانيا فترة مواءمة واعتياد كمحاولة للتكيف مع مصادر الضغط ومقاومتها ولكن ذلك قد يستمر لفترة تشعر الحيوانات بعدها بالإجهاد والإرهاق ثم اخيرا تنفق وتموت. كذلك تبين ايضا ان ظهور الأمراض النفسية يرتبط بأنماط الضغوط النفسية التي يعاني منها الفرد فبداية ظهور وتطور الأمراض النفسية يظهر اثر التعرض للتغيرات الحياتية كالفشل الدراسي او وفاة احد الأقارب او توقع الانفصال عن الآسرة او تغير الدخل المفاجئ نتيجة للفصل عن العمل وينطبق هذا على الأمراض النفسية الخفيفة كالقلق والاكتئاب النفسي والأمراض العقلية الشديدة كالانتحار والفصام. وهكذا نتبين من الأدلة السابقة ان المرض يعتبر مصدرا اساسيا للضغط النفسي ويعتبر ايضا نتيجة منطقية للشعور بتزايد الضغوط مما يفسر تزايد نسبة تعرضنا للأمراض الخفيفة او الشديدة في اوقات الأزمات او اثناء الامتحانات او السفر او تزايد الأعباء التي تتطلب مزيدا من العمل الإضافي والتركيز الشديد.

وقد اوضح ( ميلر( مصدرين للضغوط هما: 

1-الضغوط الداخلية

: وهي نابعة من المعتقدات والأفكار الخاطئة مثال ذلك افتراضات الصحفي بضرورة معرفته لكل الأحداث ونماذج السلوك المثالي في كل وقت وهذه افتراضات غير واقعية ويجب ان يعرف الصحفي انه انسان ليس كامل، فهو يشعر وينفعل ولديه حاجات متعددة كما يعني من مشاكل يومية كثيرة، ومحاولته العيش فوق مستوى قدراته الشخصية مما يؤدي حتما الى الضغوط

2-الضغوط الخارجية.

    المواقف المسببة للضغط مثل ضغوط القيم، المعتقدات المبادئ والصراع بين العادات والتقاليد التي يتمسك بها الفرد وبين الواقع مما يسبب له ضغوطا عالية وتتحدد الضغوط بالموقف الذي يسبب الصراع بين القيم والواقع. فالمراسل المضطر اثناء الحروب الى ان يكون محايدا فيغطي الخبر بجميع جوانبه مبتعدا عن التحيز وقد يضطره ذلك للتعامل مع العدو لوطنه من اجل سؤاله عن بعض القضايا المتعلقة بالأحداث الجارية قد يسبب له ذلك ضغطا في تعامله المحايد بما يخالف عاداته ومعتقدات وقيمه.

أعراض الضغوط النفسية:

يمكن أن يسبب الإجهاد العديد من الأعراض المختلفة، وقد يؤثر ذلك في الشعور جسديًّا وعقليًّا، وأيضًا طريقة التصرف.

الأعراض الجسدية:

صداع أو دوار.

تصلب العضلات أو الألم.

مشاكل في المعدة.

ألم في الصدر أو زيادة في ضربات القلب.

مشاكل جنسية.

الأعراض العقلية:

صعوبة في التركيز.

تجد صعوبة في اتخاذ القرارات.

الشعور بالإرهاق.

القلق المستمر.

النسيان.

التغييرات في السلوك:

أن تكون سريع الانفعال.

قلة أو كثرة النوم.

قلة أو كثرة الأكل.

تجنب أماكن أو أشخاص.

التدخين وتعاطي المخدرات وشرب الكحول.

الاضطرابات النفسية:

تشمل أضرار التوتر على الدماغ والصحة النفسية زيادة خطر الإصابة ببعض الاضطرابات النفسية، حيث أن التوتر المزمن قد يتسبب في حدوث تغيرات في بنية المخ على المدى البعيد. 

يمكن أن يؤدي التوتر المستمر إلى زيادة إنتاج الميالين أو المادة البيضاء في مناطق معينة في المخ، بينما تقل المادة الرمادية الأمر الذي يؤثر على بنية ووظائف المخ.

ومن أمثلة الاضطرابات النفسية التي قد تنجم عن تأثير الضغط النفسي على المخ ما يلي: 

اضطرابات القلق: يمكن أن يؤدي مواجهة الفرد لضغوط عصبية شديدة إلى حدوث استجابة مبالغ فيها من المخ في صورة الإصابة باضطراب القلق.

الاكتئاب: قد يتسبب كثرة التعرض للضغوط النفسية إلى حدوث تغيرات في الدماغ والإصابة بالاكتئاب.

الأرق: يعد اضطراب النوم والأرق أحد التأثيرات السلبية للتعرض لضغط نفسي مزمن.

• العوامل المؤثرة في شدة الضغوط النفسية :-

1. الجنس :- تعتمد مسألة تعرض الجنسين من  الذكور والإناث الى ضغوط الحياة على الكيفية التي يدرك كل منهما المنبهات البيئية الدالة عليها ووفقاً لطبيعة التباين في الخصائص الشخصية ، ونوع المهنة والحالة الاجتماعية  والمعاشية ، التي يمكن أن تشكل عينه على كلا الجنسين من الذكور والإناث أو احدهما . 

2. مستوى تعليم الفرد :- من المتغيرات التي تؤثر في درجة إحساس الفرد  بالضغوط النفسية مستوى تعليمهم . حيث أن أصحاب المؤهلات العلمية العالي أكثر تعرضاً للإحساس بالضغوط من ذوي المؤهلات العلمية الأقل.

3. عمر الفرد:- تبين أن عمر الفرد يؤثر في مدى إحساسه فالمراهقون أكثر تأثراً بمصادر الضغط عن الراشدين ، واقل تقويماً بأحداث الحياة وتصدياً لضغوطها.

4. الفروق الفردية :- لكل فرد سمات فردية تميزة عن الآخرين وتؤثر في نظرته وطريقة استجابته للضغط كما تؤثر الفروق الفردية في الحاجات والقيم والقدرات في مستوى إدراك الفرد للمواقف المثيرة للضغط . 

5. مستوى الطموح :- أن طموحات الفرد من العوامل التي لها تأثير في شدة الضغوط النفسية  فكلما زاد مستوى  طموح الفرد  في أحداث تغيرات اجتماعية في الحياة كلما كان أكثر عرضة للضغط.

 

• أنواع الضغوط النفسية :- 

تعتبر كافة الضغوط النفسية من الظواهر الإنسانية المعقده ،التي تتجلى في كافة المجالات البيولوجية والنفسية الاجتماعية والاقتصادية والمهنية حيث أنها تكون متجسده في الوسط الذي يعشون فيه وهي :

اولاً :- ضغوط البيئه الطبيعية :-وما تحتويه من ضغوط الغلاف الجوي ودرجات الحرارة ، الكوارث الكونيه ، ضيق السكن وضعف الاضاءه  والتهوية والتبريد .

ثانياً :-ضغوط البيئه الاجتماعية :- وما تحتويه من ضغوط الشقاقات الأسرية ، والتفاوت الحضاري ، وكثرة الأبناء والإقران ، وصراع الأجيال ، واختلاف الاتجاهات والميول ، وقلة نصيب الفرد من الرفاهية الاجتماعية

ثالثاً :-الضغوط الاقتصادية :- حيث توجد ضغوط البطاله وانخفاض الإنتاج ، وعدم عدالة  توزيع الناتج القومي ، والتفاوت الطبقي ، كذلك تأثير الحرمان والعوز المادي وقلة فرص العمل مما يزيد في حدة الضغوط  

رابعاً :- الضغوط المهنية :- الشعور بالتوتر والإجهاد ويكون منشؤها مهنة الفرد ، وما يقوم به من عمل مثل عدم التعامل مع الآخرين في البيئة المهنية ، الشقاق مع الزملاء ، وعدم الرضا عن المركز الوظيفي والمرتب والتميز غير المبرر 

خامساً:-الضغوط المدرسية :- وتتمثل بالصعوبات التي تواجه الطالب في مختلف المراحل الدراسية مثل ضغط المناهج والامتحانات والعقوبات والقواعد المدرسية وضغط الزملاء وازدحام الفصول الأخرى.

سادساً:- الضغوط النفسية : Psychological Stressors.

 ومنها ما يكون أسبابها إدمان الفرد على المخدرات أو إصابته بجروح، أو حادث ،أو تعرض الفرد إلى بتر أحد الأطراف أو تشوه مظهر الفرد الخارجي، أو التعرض لبعض الأمراض والالتهابات ،أو التعب الجسدي.

سابعاً :-الضغوط العاطفية : - وهي من الأنواع السائدة وأكثرها أهمية في تأثيرها على البشر ، والبعض يطلق عليها اسم الضغوط النفسية والاجتماعية (Psychosocial) كما أكدت الدراسات أن الفشل في العلاقات العاطفية والتعرض للهجر والفشل في تحقيق الآمال قد يؤدي الى ضغوط شديدة على الفرد ، وأن المتزوجين أكثر عرضه للضغوط بسبب كثرة الأعباء الملقاة على عاهلهم.

المبحث الثاني: الجهاز العصبي

     يُسمى عادة الجهاز العصبي المركزي وحدة المعالجة المركزية للجسم، حيث يتحكم في أفعالنا وفهمنا للبيئة المحيطة بنا، ويساعدنا على التواصل مع الآخرين. لتنفيذ هذه الأفعال ومعالجة البيئة الحسية، يتكون الجهاز العصبي المركزي من مكوِّنين رئيسيين وهما: الدماغ والحبل الشوكي.

والجهاز العصبيّ هو النظام الجسدي لمعالجة المعلومات والتواصل. يتلقى هذا الجهاز الرسائل، ويعالج المعلومات، ثم يرسل إشارات إلى بقية أجزاء الجسم ليخبرها بما ينبغي عليها القيام به.

 حيث يتكون الجهاز العصبي من :

الجهاز العصبي: ينقسم الجهاز العصبي إلى الجهاز العصبي المركزي والجهاز العصبي المحيطي:

1_ المـــخ (الـــدماغ ): وهــو أكبــر أجــزاء الجملــة العصــبية حجمــا، حيــث يشــغل حــو الي %90 مــن عصــبونات الجهــاز العصبي، وهو يتكون من ثلاثة أقسام

أ‌- الدماغ الأمامي( مقدم الدماغ):

• المخ النائي: الذي يتكون بدوره من:

– القشرة المخية Cortexe: وهي تغطي منطقة واسعة من المخ الأمـامي والأوسـط (تكـون حـوالي %80 مـن الـدماغ )، وهي التي تعطي الإنسان المقدرة الكبيرة على تجهيز المعلومات.

- العقد القاعدية: وهي عبارة عن تجمع من النوى (مجموعة من النيرونات في الدماغ)، تقع في عمق الدماغ الأمامي، وتتمثل الأجزاء الرئيسية لها في: النواة المذنبة، قشرة النواة العدسية والكرة الشاحبة

- الجهاز الطرفي( النطاقي، الحافي ): يشمل هذا الجهاز عدة تلافيف فـي المـخ ومراكـز هامـة تقـع فـي السـطح الإنسـي للفص الصدغي، وتتمثل أهم مكوناته في ح : صان البحر، اللوزة، والحاجز.

* المخ الثنائي(الدماغ البينيDiencéphale (  :  ومن أهم مكوناته التلاموس و الهيبوتلامس :

- المهــاد thalamus : : وهــو عبـارة عــن تجمـع كبيــر مــن أجسـام الخلايــا فـي المــخ الأمـامي ويبــدو مثـل كرتــي قــدم صغيرتين. ويؤدي المهاد وظائفه بالتآزر مع القشرة المخية فهو يعد منطقة استقبال مهمة للنبضات العصبية القادمـة مـن جميـع أجـزاء الجسـم. (الـوقفي، 2003:ص 177 ). كمـا يقـوم بإيصـال المعلومـات بـين أجـزاء مختلفـة مـن القشـرة الدماغيـة. (الشقيرات ،2005 :ص95).

- تحت الميهاد ( الوطاء  : Hypothalamus ( وهو يتكون من مجموعة من الخلايا تسمى الأنوية تحت الميهاديـة، لا يتجاوز حجمه حجم الجوزة ويقوم الميهاد باستقبال وارسال الألياف العصبية من عدة أجـزاء مـن المـخ؛ إذ تـرتبط وظيفتـه  بعدة عمليات حيوية في الجسم.

ب - مخ متوسط: ويتكون من جزأين رئيسيين: السقف والغطاء.

- السقف: ويشمل أربع انتفاخات أو هضاب تسمى الأكيمات، وهي أكيمتان علويتان وأكيمتان سفليتان، ويعـرف السـقف مع الأكيمات الأربع باسم الجسم رباعي التوائم. (لاف وويب ،2010:ص 59).

- الغطاء: ويعرف كذلك بالساقان المخيتان وهو يتكون أساسا من نهايات جذور التكوين الشباكي ومجموعـة مـن الأنويـة تقوم بضبط حركة العين، وتقوم بالربط بين الدماغ الأمامي والخلفي.

ج - المخ الخلفيRhombencéphale  :  يشير إليه البعض بجذع الدماغ، و هو يتكون من :

- المخيخ Cervelet  : وتتركز وظيفته في تنسيق العضلات وتوافقها ثم حفظ توازن الجسـم فـي أثنـاء حركتـه طيرانـا أو ســباحة أو مشــيا، وفيــه تخــزن الأفعــال المعقــدة التــي ســبق تعلمهــا كالكتابــة والتقــاط الأشــياء والمشــي والكــلام (الــذاكرة الاجرائية). وتبرمج آليا للعمل دون تفكير. (الوقفي،2003 :ص ص179 – 180(.

- القنطـرة (الجسـر، الحدبـة الحلقيـة ): وهـي عبـارة عـن مجـار ي عصـبية توصـل الإشـارات الـواردة و الصـادرة مـن منـاطق الحس وإليها.

- النخاع المستطيل: للنخاع المستطيل وظائف أساسية لحياة الكائن الحي؛ إذ يستقر فيـه أهـم مركـز مـن مراكـز الجهـاز العصبي الذاتي المختص بضربات القلب ووظائف الجهاز الوعائي كله.

- التكــوين الشــباكي: وهـو يتواجـد فـي المنطقـة المحصـورة بـين أسـفل الميهـاد و نهايـة جـذع الـدماغ ويبـدو شـكله تحـت المجهر أشبه بالشبكة. أما أهميته العصبية فهي مرتبطة بحاجات النوم واليقظة والانتباه.

2_ الحبل الشوكي : épinière moelle : يعتبر الحبل الشوكي ثاني جزء في الجهاز العصبي المركزي.

ثانيا - الجهـاز العصـبي الطرفـي : يتصـل كـل مـن الـدماغ والحبـل الشـوكي بعضـلات الجسـم والأجهـزة الحسـية عـن طريـق الأعصاب الطرفية و التي تتمثل في: الأعصاب الدماغية وعددها 12 زوجا من الأعصاب، و الأعصاب الشوكية وعـددها عند الإنسان 31 زوجا.

ثالثــا- الجهــاز العصــبي المســتقل (الــذاتي): هــو ذلــك الجــزء مــن الجهــاز العصــبي الــذي يــتحكم بوظــائف الأحشــاء والأعضـاء الداخليـة بمـا فـي ذلـك الأوعيـة الدمويـة والغـدد الصـماء، فهـو مـثلا يـتحكم فـي عـدد ضـربات القلـب (تسـارع، تبــاطؤ)، وفــي الأوعيــة الدمويــة (توســيع، تضــييق)، وفــي حالــة القصــبات (توســيع، تضــييق) ، وفــي حركــة الأمعــاء والمثانة.(جانودي ،2001 :ص6). وينقسم الجهاز العصبي المستقل إلى قسمين هما: الجهاز السـمبثاوي (الـودي)، والجهـاز الباراسمبثاوي ( نظير الودي).

وتكمن أهمية هذا الجهاز مـن الناحيـة السـيكولوجية فـي ارتباطـه بحـالات الانفعـال التـي يتعـرض لهـا الفـرد؛ إذ يقـوم جهاز السمبثاوي  والباراسمبثاو ي بأدوار متضادة؛ فيتولى أحدهما وظيفة الاسـتثارة بينمـا يتـولى الآخـر وظيفـة كـف أعضـاء الجسم عن النشاط ( . كامل، 2008 :ص ص 24-23).

يمارس الجهاز العصبي دورًا في كل شيء يقوم به الشخص، كالتفكير، والكلام، والأفعال.

      يمكن تشبيه الدماغ بوحدة المعالجة المركزية في جهاز الحاسب يستقبل الدماغ المعلومات من العينين، والأذنين، والأنف، وغيرها من الأعضاء الحِسِّيَّة. ويقوم بمعالجة المعلومات ويولد الأفكار .ثم يرسل الدماغ رسائل إلى الجسم. على سَبيل المثال، يُخبرُ العضلات بكيفية الحركة بحيث يُمكن للشخص المشي، والتحدث، والقيام بالأشياء التي يريد من جسمه القيام بها .كما يتحكَّم الدِّماغ أيضًا بالكثير مما يفعله الجسم دون أن يفكِّر الشخص بذلك. على سبيل المثال، يقوم الدماغ تلقائيًا بضبط التنفُّس، ومعدل ضربات القلب، وضغط الدم.

   والحبل الشوكي هو أنبوب طويل من الأعصاب يشبه الكبل الكهربائي السميك. يمتدُّ الحبل الشوكي من الدماغ إلى أسفل الظهر ضمن المركز الأجوف للعمود الفقري .ترسل الأعصاب في الدماغ الرسائل باتجاه الحبل الشوكي .بعد ذلك تحمل أعصاب أخرى في الحبل الشوكي هذه الرسائل إلى أنحاء الجسم. كما ينقل الحبل الشوكي أيضًا الرسائل من أنحاء الجسم إلى الدماغ.

   بينما تشبه الأعصاب أسلاك التوصيل. يحتوي كل عصب على ألياف تمتد من العديد من الخلايا العصبية. تتحزم الألياف معًا لتدعيم قوتها ولحمايتها من الإصابة.

يتكون الجهازُ العصبي المركزي من الدماغ والحبل الشوكي .تُسمى الأعصاب خارج الدماغ والحبل الشوكي بالجهاز العصبي المحيطي.

كيف يعمل الجهاز العصبي:

تكوَّن الجهازُ العصبي من الخلايا العصبية وأليافها، هناك المليارات والمليارات من الخلايا العصبية في الدماغ والنخاع الشوكي، وضمن تكتلات خلوية خارج الحبل الشوكي تماما تمتلك كل خلية عصبية جسمًا مجهريا، يكون جسم الخلية العصبية مسؤولاً عن معالجة العناصر المغذية والحفاظ على حياة الخلية تحتوي كل خلية عصبية على ألياف واردة إليها وصادرة عنها ، تتلقى الألياف الواردة إشارات من الخلايا العصبية الأخرى أو من المستقبلات في الأعضاء الحسية ، تُرسل الألياف الصادرة إشارات إلى الأعصاب الأخرى، أو العضلات، أو الأعضاء أخرى      تُرسل الألياف الصادرة إشارات إلى الأعصاب الأخرى، أو العضلات، أو الأعضاء 

 أخرى تنتقل الإشارات باتجاه واحد فقط في الخلية العصبية

في بعض الأحيان يبلغ طول الألياف العصبية عشرات من السنتيمترات .على سبيل المثال، قد يمتد الليف العصبي الواحد من قرب الحبل الشوكي على طول المسافة إلى إصبع القدم. تمتلك بعض الألياف العصبية التي تصل إلى الجلد أو الأعضاء مُستقبلات حسية .على سبيل المثال، يمكن للمستقبلات الموجودة في نهاية الألياف العصبية في الجلد أن تتحسس الأشياء الحادة أو الساخنة على الرغم من أنَّ الألياف العصبية وإشاراتها تعمل مثل الأسلاك التي تحمل الإشارات

الكهربائية، إلا أن ذلك ليس دقيقًا تمامًا .ترسل الخلايا العصبية إشاراتها باستخدام مواد كيميائية

تحدث التغيرات الكيميائية بشكل تدريجي على طول الألياف العصبية عندما تصل التغيرات الكيميائية نهاية الليف العصبي، فإنه يحرر مواد كيميائية أخرى تُسمى النواقل العصبية

تتدفق النواقل العصبية عبر فجوة مجهرية وتصل إلى المستقبلات الكيميائية لخلية أخرى

تُحرض النواقل العصبية تغيرات كيميائية في تلك الخلية الأخرى

إذا كانت تلك الخلية هي خلية عصبية، فإن التغيُّرات الكيميائيَّة التصاعدية تستمرُّ في أسفل ألياف تلك الخلية لتمرير الإشارة

وفي أحيان أخرى، لا تكون الخلية التالية خلية عصبية - على سبيل المثال، إذا كانت الخلية التالية خلية عضلية، فإن الناقل العصبي يسبب تغيرات كيميائية تجعل الخلية العضلية تتقلص.

كيف يستجيب الجِهاز العصبي للضّغط النّفسي:

عند الشعور بالتّوتر والضغط النّفسي سيوجّه الجهاز العصبي الجِسم لإفراز هرمونات التوتر (الأدرينالين والكورتيزول )، وهذه الهُرمونات ستُفرَز للمُساعدة على التعامل مع الضغط النّفسي، وبالتّالي تُسمّى هذه العملية الفسيولوجيّة بالاستجابة للتوتر أو استجابة القتال أو الهروب (Fight-or-Flight). 

وفيما يأتي توضيح مُفصّل لاستجابة الدّماغ والجهاز العصبي عند حُدوث أي ضغط نفسي

عند التّعرض لأي موقف فيه ضغط نفسي شديد (مثل مُشاهدة حادث أو التّعرض لصدمة)، ترسل العينين أو الأذنين أو كليهما المعلومات إلى لوزة الدّماغ (وهي منطقة من الدماغ لها دور في الاستجابات العاطفية)، فتبدأ اللوزة في تفسير الصور والأصوات.

فور إدراك الخطَر ستُرسِل اللّوزة على الفور إشارة استغاثة إلى منطقة ما تحت المهاد (Hypothalamus)، تعمل هذه المنطقة في الدماغ كمركز قيادة وتحكّم. ستتواصَل منطقة ما تحت المهاد مع بقية الجسم من خلال الجهاز العصبي اللاإرادي (Autonomic nervous system)، الذي يتحكم في وظائف الجسم اللاإرادية مثل التنفس، وضغط الدم، ونبضات القلب، وتمدد أو انقباض الأوعية الدموية الرئيسية، والقُصيبات في الرئتين.

سيُرسِل الجهاز العصبي اللاإرادي إشارات عبر الأعصاب اللاإرادية إلى الغدد الكظرية (Adrenal glands)، ستستجيب هذه الغدد بضخ هرمون الأدرينالين في مجرى الدم.

عندما يدور الأدرينالين عبر الجسم، فإنه سيُؤدي لحدوث بعض التغييرات الفسيولوجية، مثل (زيادة سرعة نبضات القلب، دفع الدم إلى العضلات والقلب والأعضاء الحيوية الأخرى، ارتفاع ضغط الدم) حينها ستزداد سُرعة التّنفس لدى الشخص.

تنفتِح القُصيبات الهوائية في الرئتين على مصراعيها، وحينها يمكن للرئتين امتصاص أكبر قدر ممكن من الأكسجين مع كل نفس، وهذا الأمر سيُساعد على إرسال أكسجين إضافي إلى الدماغ مما يزيد من اليقظة (أي يصبح البصر والسمع والحواس الأخرى أكثر حدة).

في نفس الوَقت يُؤدي الأدرينالين إلى إطلاق الجلوكوز والدهون من مواقع التخزين المؤقتة في الجسم إلى الدّم لتزود جميع أجزاء الجسم بالطاقة.

إذا استمر الدماغ في إدراك الصّدمة أو شُعور الشخص بشيء خطير، فإن ما تحت المهاد ستُطلق هرمون إفراز الكورتيكوتروبين (CRH)، والذي يُحفّز الغُدّة النّخامية على إفراز هرمون قشر الكظر (ACTH)، والذي ينتقل إلى الغدد الكظرية ويحثها على إفراز الكورتيزول ليبقى الجسم في حالة تأهب قصوى.

و تحدث كل هذه التغييرات بسرعة كبيرة لا يستطيع الإنسان إدراكها.

الجهاز العصبي وعلاقته بالضغوط النفسية:

يستجيب الإنسان للمواقف الضاغطة باسـتثارته أوليـات دفاعيـة بيوكيميائيـة للتجـاوب مـع مختلـف نمـاذج الضـغوط النفسية التي يلتقطها الجهاز العصبي.

 و تعمل هذه الأوليات البيوكيميائية وفق اتجاهين يمكن إيجازهما فيما يلي:

أ _رد فعل سريع: 

ويـتم مـن خـلال اسـتقبال القشـرة المخيـة للمثيـرات الضـاغطة فـي إطـار معلومـات حسـية ، ليـتم بعـد ذلـك وبوسـاطة َ الجهـاز اللمبـي تحـريض تحـت الميهـاد  الخلفي ،والتي تترجم اسـتجابته عـن طريـق التظـاهرات الإيعاشـية  مثـل َ  : زيـادة دقـات القلـب، زيـادة قطـر الأوعيـة الدمويـة داخـل العضـلات، زيـادة سـرعة التـنفس، اتسـاع حدقـة العـين، تركيـب الغلوكـوز والمـواد الدهنيـة، انخفـاض قطـر الأوعيـة الدمويـة الجلديـة، أيضـا أعـراض الانفعـالات التـي تصـاحب زيـادة قطـر الأوعيـة الدمويـة فـي العضـلة الهيكليـة مـن ارتفـاع ضـغط الـدم الشـرياني، توقـف إفـرازات المعـدة واللعـاب ، تثبـيط حركـات الأنبـوب الهضمي وتغيرات في خثرة الدم.

ب - رد فعل بطيء و مقاوم: 

فـي نفـس الوقـت الـذي تسـتجيب فيـه القشـرة المخيـة للضـغوط النفسـية باسـتثارة الوطـاء الخلفـي تسـتجيب كـذلك بـرد فعل آخر مواز لرد الفعل الأول، غير أنه يكون أكثر استمرارا وأقل سرعة منه. ويتم رد الفعل الثاني للقشرة المخيـة لمنبـه الضـغوط النفسـية مـن خـلال تحـريض الوطـاء الأمـامي الـذي يقـوم بتحريـر مـواد تتمثـل فـي CRF&TRF ، والتـي تعمـل على تحريض الغدة النخامية التي تقوم بإفراز هرمـون ACTH الـذي يحفـز قشـرة الغـدتان الكظريتـان علـى صـنع هرمـون الغليكوكورتيكوييد Glucocorticoïde ، وكذا إفـراز هرمـون TSH الـذي يعمـل علـى تحـريض الغـدة الدرقيـة لتقـوم بـإفراز هرمون الثيروكسين الذي يساهم في ترميم المناعة الخلوية عند الجرذان الكبيرة . ويملــك الغليكوكورتيكوييــد العديــد مـــن التــأثيرات المنظمــة للجهــاز المنــاعي. تتضــمن خفــض عــدد اللمفاويــات والوحيــدات و الحمضــات و خفــض المناعــة بتواســط الخلايــا مــن خــلال تثبــيط تحريــر الســيتوكينات قبــل الالتهابيــة -Pro inflammation ) -1IL -6,IL -2,IL, δ TNF, TNFα)، خفض ظهور مولدات الضد وتثبيط عمل البالعـات (بنجمـان: 1997 ، ص208).

وقد أظهرت العديد من الدراسات أن:

1- التركيـز Concentration المرتفـع للأنـدروفين Endorphines يكـون سـببا لانخفـاض نشـاط بعـض أنمـاط الكريـات البيضاء التي تعرف باسم الخلايا الطبيعة القاتلة naturelles Tueuses بالجسم

2-الأدرينـالين  Adrénaline والكـورتيزولCortisol  اللـذان يصـنعان مـن قبـل الغـدة الكظريـة surrénales Glandes  يخفضان كمون الدفاع لبعض أنواع الكريات البيضاء ، الخلايا اللمفاوية. T 

وهناك مسار رئيسـي آخـر يـربط ظـاهرة الضـغوط النفسـية بالجهـاز العصبي و المنـاعي، مـن خـلال هرمونـات الكاتيكولامينـات Catécholamines المعـروف باسـم الأدرينـالين والنورأدرينـالين والكـورتيزو و ل البـرولاكتين، و أفيونـات الجسـم الطبيعيـة و البيتــا-إنــدورفين والانكفــالين كلهــا تفــرز فــي أثنــاء اســتثارة التــوتر، ولكــل هــذه المــواد أثــر شــديد فــي الخلايــا المناعيــة ؛ ويــتلخص الأثــر الرئيســي لهــا فــي أن زيــادة نســبة هــذه الهرمونــات داخــل الجســم ، تــؤدي إلــى بطــئ فــي عمــل الخلايــا المناعية

تضرر الجهاز العصبي بفِعل الضّغط النّفسي:

وفقًا للعديد من الدراسات، فإن الضّغط النّفسي المُتكرر والمزمن يضعف وظائف الدّماغ بطرق متعددة، فيُلاحَظ أنّ الفَرد يُعاني من مشاكل في التواصل الاجتماعي والتفاعلات مع الآخرين، حتّى أنّ التّوتر والضّغط النّفسي قد يُلحِقان الضّرر في خلايا الدّماغ، حتّى أنّ له تأثيرًا على تقليص حجم قشرة الفص الجبهي (Prefrontal cortex)، وهي منطقة الدماغ المسؤولة عن الذاكرة والتعلم.

ومن نتائج عدد من الدراسات:

 لقد أظهرت المعالجة الإحصائية للنتائج المتحصل عليها في الدراسات السابقة : 

1- الإناث أكثر عرضة للضغوط النفسية و الكف المناعي من الذكور.

2- الأفراد الأقل سنا أكثر عرضة الضغوط النفسية بالمقارنة مع الأفراد الأكبر سنا .

3- تؤثر الضغوط النفسية على عدد خلايا الجهاز العصبي .

     من الملاحظ على هذه النتائج هو أن معظمهـا متسـق مـع بعـض مـا توصـلت إليـه الدراسـات السـابقة؛ فقـد أظهـرت أبحـاث الـدكتورة ( عزيـزة السـيد) أن النسـاء أكثـر عرضـة للضـغوط النفسـية مـن الرجـال. إلا أن هـذه النتيجـة تبقـى نسـبية نوعـا مـا؛ إذ أن الفـروق المتحصـل عليهـا يمكـن إرجاعهـا من ناحية إلى عدم تساوي و تجانس عينتي الذكور و الإناث من حيث الحالـة الاجتماعيـة؛ وأن (%7.25 ) من النساء عانين من حدثين يعتبران من أكثر 

العوامل المسببة للضغوط النفسية ألا و همـا : وفـاة الـزوج والطـلاق. و همـا يحـتلان المرتبـة الأولـى و الثانيـة فـي مقيـاس (هـولمز و راه) الخـاص بأحـداث الحيـاة الضـاغطة، في حين لا يوجد أي ذكر عانى من أحـد هـذين الحـدثين. الأمـر الـذي ربمـا أدى إلـى انخفـاض درجـات الضـغوط النفسـية لدى الذكور بشكل ترتب عنه ظهور فروق جوهرية بينهم و بين الإناث. كمـا يمكـن إرجـاع هـذه النتيجـة مـن ناحيـة أخـرى الى زيادة المسـؤوليات التـي تفرضـها الحيـاة الحاضـرة علـى المـرأة، و خروجهـا إلـى ميـادين العمـل المختلفـة و دخولهـا فـي مجال التحدي و التنافس مع الرجـال، حيـث يتبـين أن (62.32 %) مـن النسـاء عـاملات ، الأمـر الذي ربما أدى إلى ارتفـاع درجـات الضـغوط النفسـية لـدى الإنـاث بشـكل ترتـب عنـه فـروق دالـة بيـنهن و بـين الـذكور فـي درجة الضغوط النفسية، هذه الفروق التي نتج عنها جعل الإناث أكثر عرضة لاضطراب الجهاز العصبي من الذكور الأمر الذي يعكس من ناحية أخرى أن درجة اضطراب الجهاز العصبي تختلف باختلاف درجة الضغط النفسي .

أمـا مـن ناحيـة الفـروق فـي الضـغوط النفسـية بـين الأفـراد الأقـل سـنا و الأفـراد الأكبـر سـنا فـيمكن إرجاعهـا علـى عامل النضج , حيث أن رؤية الأفراد و تقديرهم للأمور تختلـف تبعـا لاخـتلاف المراحـل العمريـة التـي يمـرون بهـا، و ذلـك بسـبب مـا يضـفيه النمـو مـن نضـج للقـدرات العقليـة للفـرد، عـن طريـق اكتسابه  لخبـرات و مهـارات جديـدة تجعلـه يتلقـى و يـدرك و يسـتجيب لمثيـر معـين بطريقـة تختلـف عـن طريقـة تلقيـه و إدراكـه و اسـتجابته لـنفس المثيـر فـي مرحلـة عمريـة سـابقة. هــذا مــن جهــة  ومن جهة أخرى  فأن هــذه الفــروق يمكــن إرجاعهــا أيضــا إلــى المطالــب الحياتيــة التــي و مــن جهــة أخــرى فــإن تختلــف باختلاف السن؛ حيث تعتبر المرحلة الممتدة ما بين (20 و 33 سنة) من أغنى المراحل العمرية التي يمكن أن يمر بهـا الفرد في حياته و ذلك من حيث المتطلبات الحياتية التي تستوجبها هـذه المرحلـة مثـل : ضـرورة تحمـل مسـؤوليات جديـدة لم يألفها الفرد من قبل كـ: العمـل ،الزواج ، الأبـوة ...الـخ. إلا أن هـذه النتيجـة تبقـى نسـبية و هـي تتوقـف علـى شخصـية الأفراد بدرجة كبيرة.

ومن هنا نجد إمكانية أن تؤدي بعض أعراض الاضطراب العصبي الوظيفي، لا سيما في حالة عدم علاجها، إلى حدوث إعاقة شديدة وانخفاض جودة الحياة على غرار المشكلات التي تسببها المشكلات الطبية أو المرض.

المراجع:

-الشقيرات، محمد عبد الرحمان. (2005) .مقدمة في علم النفس العصبي، دار الشروق للنشر والتوزيع: عمان – الأردن.

-العيسوي،عبد الرحمان محمد. (1992). علم النفس الإكلينيكي. مصر: دار الجامعة.

-الكيكي، محسن محمود أحمد. (2007). الضغوط النفسية التي تواجه  طلبة ثانويتين المتميزين والمتميزات في مركز محافظة نينوي. مجله التربية والتعليم. المجمد (14( العدد (4).

-الوقفي، رضي. (2003). مقدمة في علم النفس، ط.3 دار الشروق للنشر والتوزيع: عمان - الأردن.

-بن غيشر، أمال صالح وآخرون.(2017).الضغوط النفسية وعلاقتها بالتحصيل الأكاديمي لدى طالبات قسم معمم الفصل في كلية التربية بجامعة مصراتة.ع8،مج.02

-بنجمان ، ستورا جان.(1997). الإجهاد أسبابه وعلاجه، تعريب أنطوان الهاشم، منشورات عويدات ، بيروت .

-حساني، فاطمة. (2015).استراتيجيات مواجهة الضغوط النفسية وعلاقتها بجودة الحياة لدى المراهقين المتمدرسين (15-14-13-). رسالة ماجستير غير منشورة. جامعة قاصدي مرباح: ورقمة.

- كامل، خالد صلاح الدين محمد. (2008) وظائف أعضاء الجهد البدني 245 ترض. جامعة الملك السعود: المملكة العربية السعودية.

-لـوف، رسـل وويـب، وانـدا: (2010  ) علـم الأعصـاب للمختصـين فـي عـلاج أمـراض اللغـة والنطـق، ترجمـة محمـد زيـاد يحيـى كبة. جامعة الملك السعود: المملكة العربية السعودية.