*موجز الأحد* 7 /12/ 2025/الهرم المصرى نيوز

 

بقلم lifecoach /محمد ابوالعينين خبير علاقات واستشاري اسري ومدرب محترف تعديل سلوك تأهيل وتعافي 

بين حكمة المعابد القديمة ووعي الإنسان الحديث

من يعتقد أن الكوتشينج هو علمٌ حديث ظهر في العقود الأخيرة فقط، فربما عليه أن يُلقي نظرة إلى جدران المعابد المصرية القديمة!

ففكرة “المدرب” أو “المرشد” الذي يساعد الإنسان على اكتشاف ذاته وتطويرها لم تولد في الغرب الحديث، بل كانت جزءًا أصيلًا من فلسفة المصريين القدماء في التعليم والحياة.

 التعليم عند قدماء المصريين... رحلة وعي وليست تلقينًا

في مصر القديمة، لم يكن التعليم مجرد نقل للمعلومات أو مهارة عملية.

بل كان يُنظر إليه كرحلة تطور روحي وعقلي، هدفها بناء إنسان متوازن، يعرف ذاته ومكانه في الكون.

كان الطفل يتعلّم القراءة والكتابة في "بيت الحياة" أو "بر عنخ"، وهو نوع من المدارس والمعابد المخصصة للتعليم والبحث والمعرفة.

وهناك، لم يكن المعلّم مجرد ناقل علم، بل كان بمثابة “كوتش” بمعايير اليوم — يوجّه تلميذه، يشجعه على التفكير، ويختبر صبره وقدرته على التعلّم الذاتي.

كانت العلاقة بين المعلّم والمتدرّب علاقة وعي ونمو، لا خوفٍ وعقاب.

الكاهن... أول كوتش في التاريخ

الكهنة في الحضارة المصرية لم يكونوا رجال دين فقط، بل كانوا حكماء وفلاسفة وأطباء ومعلمين، يهتمون بتطوير الجسد والعقل والروح معًا.

كانوا يسألون تلاميذهم أسئلة عن المعنى، والغاية، ودور الإنسان في خدمة الآخرين — تمامًا كما يفعل الكوتش المعاصر.

وكانت بعض الجلسات تُقام في المعابد المخصصة للحكمة مثل معبد تحوت، إله المعرفة والكتابة، الذي كان يُعتبر راعي التعليم والوعي الإنساني.

هناك كان الحوار هو الأداة الأساسية للتعلّم، وليس التلقين.

 رموز فرعونية تحمل فلسفة الكوتشينج

الفراعنة استخدموا الرموز للتعبير عن قيم ومعانٍ عميقة، كثير منها يُجسّد جوهر فلسفة الكوتشينج اليوم.

على سبيل المثال:

عين حورس : كانت ترمز للبصيرة الداخلية، والرؤية التي تتجاوز الحواس المادية، تمامًا مثل الوعي الذاتي الذي يسعى إليه المتدرّب في الكوتشينج.

مفتاح الحياة (عنخ) : يرمز إلى الطاقة والحياة المتكاملة بين الجسد والعقل والروح، وهي جوهر التوازن الذي يبحث عنه كل إنسان في رحلة التغيير.

الريشة (رمز ماعت): تجسد العدالة والصدق مع النفس، وهي واحدة من أهم المبادئ التي يقوم عليها الكوتشينج الحقيقي — أن يكون الإنسان صادقًا مع ذاته أولًا.

 فلسفة الوعي عند المصريين القدماء

كان المصري القديم يرى أن أعظم الانتصارات ليست في الحروب أو الثروة، بل في “الانتصار على الجهل والظلام الداخلي”.

كانوا يؤمنون أن الحكمة لا تُمنح، بل تُكتسب من خلال التأمل والتجربة والفهم العميق للحياة.

في نصوصهم المقدسة، نجد عبارات مثل:

> "اعرف نفسك، تعرف الآلهة."

وهي عبارة تختصر مفهوم الكوتشينج كله — فكل رحلة نمو تبدأ من الداخل، من وعي الإنسان بذاته وبإمكانياته.

من معابد طيبة إلى جلسات الكوتشينج الحديثة

اليوم، بعد آلاف السنين، يعود الإنسان ليكتشف ما عرفه أجداده منذ القدم:

أن التغيير لا يأتي من الخارج، بل من الداخل.

أن الإجابات العميقة لا نجدها في الكتب فقط، بل في حوار صادق مع الذات، وفي يد تمتد لتساعدنا على رؤية ما لا نراه بأنفسنا.

الكوتش الحديث لا يختلف كثيرًا عن الكاهن الحكيم في معبد تحوت؛ كلاهما يساعد الإنسان على أن يرى نفسه بوضوح، أن يسمع صوته الداخلي، وأن يسير في طريق الوعي بثقة واتزان.

من الماضي إلى المستقبل

الحضارة المصرية القديمة لم تكن مجرد حجارة ونقوش، بل كانت فلسفة حياة متكاملة تؤمن بأن الإنسان مخلوق وُلد ليتعلّم، ويتغيّر، وينمو باستمرار.

ولعل هذا هو السبب في أن آثارهم ما زالت تنبض بالحياة حتى اليوم — لأنها لم تكن فقط رموزًا لجمال الفن، بل أيضًا مرآة لرحلة الوعي الإنساني.

فحين نتأمل صور المعلّم وتلميذه على جدران المعابد، ندرك أن الكوتشينج لم يكن اختراعًا حديثًا، بل امتدادًا لحكمة أزلية بدأت من ضفاف النيل.

وفي الآخر، زي ما قدماء المصريين علمونا إن القوة الحقيقية في وعي النفس وفهم الآخرين، جلسات الكوتشينج الواعي بتساعدك تربط بين إرث الماضي وحياتك اليومية، وتخليك تكتشف طرق عملية لتطوير نفسك وعلاقاتك بشكل أصيل وواعي.

يالا ماتتردش في التواصل بدايتك معانا