جدار الصمت - الهرم المصرى نيوز

 

 بقلم / ريم نبيل الشرشابي

 " عصر التكنولوجيا وتقنيات الاتصال والتواصل " هكذا وبشكل مبسط يمكننا وصف العصر الذي نعيشه، ولعل المتابع لتطورات التكنولوجيا خاصة في مجال الاتصال والتواصل والإعلام يلحظ تسارعا مستمرا ومتناميا في التطورالكبير لتلك التقنيات، ولا يلبث أن يتعلم الانسان العادي تقنية منها إلا ويجد نفسه امام أخري أحدث وأكثر تطورا .

يُغيّر العصر الرقمي الحالي جوانب الحياة البشرية ويؤثر عليها، بما في ذلك مجال الاتصالات والإعلام، حيث تُعدّ التكنولوجيا الرقمية نظام المعلومات الأكثر تأثيرًا في عالمنا اليوم ويعود ذلك إلى أن العصر الرقمي يوفر الفعالية والكفاءة والجاذبية المتاحة في الاتصالات الرقمية، حيث يُمكن لشخصين تبادل المعلومات مباشرةً بمساعدة التكنولوجيا الرقمية دون الحاجة إلى التواجد في نفس المكان أو الوقت، ويُسهم الاستخدام المُناسب لتكنولوجيا الاتصال في تحسين إتقان الفهم وتنمية القدرات الحدسية لدى الطلاب ولا شك أن لتطور التكنولوجيا تأثيرًا كبيرًا على الحياة اليومية، وخاصةً بالنسبة للمجتمع، وخاصةً المراهقين الذين ينشطون في استخدام وسائل الإعلام الرقمى، وذلك لمواكبة متطلبات العصر، مما يجعلهم أكثر شعبية في بيئتهم المحيطة . 

ومظاهر هذا الإعلام الجديد كثيرة ومتعددة ومتجددة، ولعل أشهرها الآن وأكثرها انتشارا " البودكاست "، ومن أهم مميزات البودكاست أنه أصبح وسيلة مهمة وسهلة وسريعة لنشر العلم وتعميم المعرفة، وتثبيت القيم والسلوكيات والعادات والممارسات، وتحقيق الرفاهية على مستوى التواصل الثقافي والحضاري والاجتماعي والإنساني بين الأفراد، وتحقيق المساواة الاتصالية والإعلامية بين الجميع وكلنا نلاحظ مدى توغل برامج البودكاست لكل مناحي حياة الإنسان (الجسدية والروحية والعقلية والنفسية).

إن السعي إلى التطويرالذاتي ميزة وهبها الله للإنسان منذ بدء الخليقة، تتوقف أساليبها وأدواتها وحتى أهدافها علي إمكانيات العصر الذي يعيش فيه الإنسان، ويتوقف على قدرة الفرد على اكتساب المعرفة والمهارات دون الحاجة إلى إشراف خارجي، وهي عملية تستمر معه طوال حياته، أهم مراحل التطويرالذاتي هى مرحلة التعليم الجامعي وما بعدها مباشرة وهي المرحلة التي يبني فيها الإنسان نفسه ويحدد معالم مستقبله محاولاً اكتساب أكبر قدر من المعارف والمفاهيم والمبادئ والاتجاهات والقيم والمهارات.

وفي سياق تطوير وسائل الإعلام الجديدة، يتم تصنيف المراهقين على أنهم مواطنون رقميون، أي جيل الإنترنت، أو جيل الشبكة، أو الجيل الرقمي، أو جيل الألفية، وهذا الجيل يستخدم التكنولوجيا الرقمية، ولديه مهارات ومعرفة كبيرة بأجهزة الكمبيوتر 

في عالم اليوم سريع الخطى، أصبحت أهمية التطوير الذاتى واضحة بشكل متزايد. إن القدرة على التكيف واكتساب مهارات جديدة باستمرار أمر ضروري للنمو الشخصي، تسهل عملية تطوير الذات بين الشباب الجامعيين من خلال استكشاف الأساليب التي يحافظ بها الأفراد على التعلم المستمر والتكيف مع نفسه والمجتمع

إن إحدى الطرق التي تشجع بها المدونات الصوتية والفيديوهات التطويرالذاتي هي من خلال مرونتها المتأصلة وسهولة الوصول إليها. يمكن للطلاب التفاعل مع تنسيقات الوسائط هذه في أي وقت ومن أي مكان، وهو أمر مفيد بشكل خاص لأولئك الذين لديهم جداول زمنية مزدحمة. على سبيل المثال، أثناء التنقل أو ممارسة الرياضة أو أداء الأعمال المنزلية، يمكن للطلاب الاستماع إلى المدونات الصوتية التعليمية التي تثري معرفتهم وتؤثر على (النواحى المعرفية والسلوكية والوجدانية ) وذلك دون الحاجة إلى تخصيص وقت مخصص للتعلم، يعزز هذا التكامل السلس للتطويرالذاتى في الروتين اليومي ثقافة التعلم الذاتى، حيث يصبح التعلم جزءًا طبيعيًا من الحياة بدلاً من مهمة منفصلة يجب إكمالها. 

وعلاوة على ذلك، غالبًا ما تقدم المدونات الصوتية والفيديوهات المحتوى بطريقة حديثة جذابة، مما يجعل الموضوعات المعقدة أكثر سهولة في الوصول إليها وقابلة للتواصل. يمكن لهذا الأسلوب غير الرسمي أن يخفض حواجز التعلم، ويشجع الطلاب على استكشاف مواضيع جديدة ربما لم يفكروا فيها في بيئة الفصل الدراسي التقليدية. على سبيل المثال، قد يصادف الطالب المهتم بالعلوم البيئية حلقة بودكاست تناقش تغير المناخ ويصبح مستوحى للخوض بشكل أعمق في الموضوع. إن هذا الاكتشاف العرضي للاهتمامات الجديدة يمكن أن يؤدي إلى شغف مدى الحياة بالتعلم والاستكشاف. 

تشجع العديد من اليات البث الصوتي التفاعل بين المستمعين من خلال منصات الوسائط الاجتماعية أو منتديات المناقشة أو الأحداث المباشرة. يسمح هذا الشعور بالمجتمع للمتعلمين بالتواصل مع الآخرين الذين يشتركون في اهتمامات مماثلة، مما يعزز التعاون وتبادل الأفكار. 

 إن التعرض المستمر لوجهات نظر متنوعة من خلال الاستماع إلى خبراء من مجالات مختلفة خلال البث الصوتي والفيديو يمكن أن يوسع آفاق الطلاب ويعزز فهمًا أكثر شمولاً وأكثر دقة للقضايا المعقدة لمختلف الموضوعات. 

نحن اليوم أمام حالة غير مسبوقة من الاندماج والاستفادة المتبادلة ما بين سعي الإنسان للتعلم الذاتي وإدراكه لمفاهيم وأدوات الإعلام الجديد، بل أن البودكاست أصبح أحد أهم أدوات الإعلام الجديد في دعم وتدعيم سعي الشباب خاصة في المرحلة الجامعية للتطوير الذاتي واكتساب الكثير من المهارات والثقافات المختلفة .