هدية يكرم موسى اسد تموين شبراخيت والبحيرة وفخر مركز كوم حماده - الهرم المصرى نيوز

✍️كتب/ عبدالله صالح الحاج-اليمن

📆 17يونيو 2025

📰 مقال افتتاحي – الشرق الأوسط على صفيح ساخن

المنطقة تغلي، والشرق الأوسط بات على صفيح ساخن فعلاً. من بحر عُمان إلى البحر المتوسط، تتصاعد ألسنة اللهب، وتتكسر حسابات التوازنات القديمة. فها هي إيران، بعد سنوات من التهديدات والتصعيدات المتقطعة، تُشعل الحرب الكبرى التي لم تكن مؤجلة بل كانت تنتظر فقط اللحظة المناسبة.

هذه الحرب ليست مجرد جولة جديدة من الاشتباك، بل مرحلة مفصلية في تاريخ الصراع. إيران لم تعُد ترد بشكل محدود أو عبر وكلاء، بل تتقدم مباشرة إلى المواجهة مع "إسرائيل" في قلب مسرح الصراع. الصواريخ تتساقط، المواقع تُقصف، والعدو الصهيوني يتلقى الضربات في عمقه كما لم يحدث منذ قيام كيانه الغاصب.

إسرائيل، التي طالما اختارت توقيت الحروب وحدودها، تجد نفسها لأول مرة في وضع دفاعي شامل. أجهزتها الاستخباراتية مربكة، قيادتها العسكرية في حالة استنفار دائم، والشوارع خالية من الشعور بالأمان. لا طيران يحسم، ولا تهديد يردع. هذه ليست حرب إيران وحدها، إنها لحظة الحقيقة لكل من انخرط في معركة الوجود ضد المشروع الصهيوني.

وهنا، تتجه الأنظار إلى حركات المقاومة في لبنان وسوريا وفلسطين. السؤال الأخطر يفرض نفسه: هل تستغل هذه الفصائل انشغال "إسرائيل" في مواجهة إيران، وتفتح جبهات متزامنة تحاصر الكيان من كل اتجاه؟ أم أنها ستتردد، وتُخضع قرارها لحسابات ضيقة، وتفوت على الأمة فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة في التاريخ؟

الفرصة اليوم لا تحتاج إلى كثير من التحليل. فـ"إسرائيل" غارقة في المستنقع الإيراني، وجبهتها الداخلية متصدعة. الولايات المتحدة ومعها دول أوروبا تراقب المشهد، مترددة، مرعوبة من انزلاق الأمور نحو ما لا يمكن السيطرة عليه. دونالد ترامب، في ولايته الثانية، لا يريد تورطًا مباشرًا إلا حين يرى أن الكفة بدأت تميل تمامًا لصالح المقاومة، حينها فقط سيتحرك الغرب لمحاولة إنقاذ "إسرائيل" تحت شعار “وقف الحرب” و"تهدئة التوتر".

فهل تعي حركات المقاومة هذه الحسابات؟ هل تتحرك الآن من لبنان، فتفتح جبهة الجنوب لتشتعل نيران المواجهة من جديد؟ هل تنطلق المقاومة في غزة بقوة جديدة، تربك "إسرائيل" من خاصرتها الضعيفة؟ هل تشتعل الضفة الغربية بانتفاضة مسلحة تزلزل الأرض من تحت أقدام المستوطنين؟ وهل تتحرك الخلايا النائمة في الداخل الفلسطيني، لتقول: "العدو عدونا، والميدان واحد"؟

أكثر من ذلك، الشعوب العربية والإسلامية تتابع، تغلي، تنتظر من يمثل صوتها وكرامتها على الأرض. من اليمن إلى لبنان، من سوريا إلى ليبيا، من المغرب إلى الأردن، من فلسطين إلى كل دولة عربية وإسلامية، الكل يرى أن هذه الحرب ليست "حرب إيران"، بل حرب الأمة جمعاء في وجه كيان مغتصب مدعوم من الغرب، يمارس الاحتلال والإبادة والتوسع منذ أكثر من 75 عامًا.

لا مجال اليوم للخذلان. لا مكان للبيانات العقيمة ولا للخطابات الإنشائية. من امتلك الصاروخ فليطلقه، ومن امتلك البندقية فليطلق الرصاص، ومن امتلك الكلمة فليُشعل بها الموقف. العدو مكشوف، الظهر محمي بأشرف الشعوب، والميدان يفتح أبوابه لمن يجرؤ فقط.

إنّ إيران قد أشعلت الحرب الكبرى بالفعل، وها هي شعلة النار تنتظر من حركات المقاومة أن تلتقطها. هل ستلبّون النداء وتُشعلون نيران التحرير من لبنان إلى غزة، ومن الجولان إلى الضفة، وتطردون المحتل من كل شبرٍ عربي؟ أم أنكم ستقفون على الهامش، وتضيّعون هذه اللحظة التي لا تتكرر، بينما يكتب التاريخ أسماء من خاضوا المعركة، وأسماء من خانوا الصمت؟

لقد آن الأوان أن يفهم الجميع: هذه ليست معركة حدود أو رد فعل... هذه لحظة اقتلاع جذور الاحتلال الصهيوني من أرضنا العربية، كاملة غير منقوصة. فإما أن نكون رجال هذه اللحظة… أو نكون من رمادها.