أسوء عصر في مر الزمان/الهرم المصرى نيوز

 

 

بقلم الدكتورة نسمة رجب عبدالرحيم

  باحثة في الشريعة الإسلامية 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 

وبعد 

فإن الولاية علي الأنفس من أهم المسائل  التي جاءت الشريعة الإسلامية بتقريرها  وتشريعها وعنيت بها واولتها اهتماما عظيما. وفي السطور الآتية سنبين بعض ما يتعلق بالولاية من أحكام  وكذلك ما يلي من مقالات إن شاء الله تعالى.

أولًا: تعريف الولاية لغةً (بالكسر والفتح): 

مصدر ولَّى نقول: وليت الشيء ولاية، والجمع ولايات ومعناها: النصرة، والوَلي: هو الصديق والنصير، كما تطلق على السلطان والإمارة، وكل من ولى أمراً فهو وليه: أي دنا منه ويقال ولى الأمر إذا قام به. وهي إسم من الولى (سكون اللام) وهو القرب من الشئ والقيام به.

ثانيًا: تعريف الولاية في الاصطلاح: 

تعددت التعريفات للولاية في كتب الفقهاء وسنذكر بعضًا منها مع المختار لدينا، ومنها:  

قيل: "هي سلطة شرعية بها يتمكن الولي من تنفيذ التصرفات على الغير، قولاً أو فعلاً دون توقف على رضاه".

وقيل: هي "سلطة شرعية بها تكون أقوال الوالي وتصرفاته نافذة".  

أو هي: "تنفيذ القول على الغير شاء أو أبى". 

أو هي: "تنفيذ القول على الغير".

وقيل أيضًا: "هي سلطة شرعية تمكن لمن تثبت له من إنشاء التصور والتصرفات وتنفيذها وترتيب آثارها الشرعية عليه".

وهي أيضًا: "سلطة تمكن صاحبها لمن مباشرة العقود وترتيب آثارها عليها دون توقف على رضا غيره".

التعريف المختار لدينا هو: أن الولاية سلطة تمنح الولي شرعية سواء كانت للقيام بمصلحة عامة أو مصلحة خاصة بمقتضاها يحق له أن يتصرف في شئون تلك الولاية بما تقضيه مصلحة المولى عليه، بحيث تكون تلك المصلحة في المعيار المحدد لسلامة السلوك واستقامة التصرف، وعندما يثور النزاع حول استخدام الولي لسلطاته في تصريف شئون ولايته على الأشياء أو الناس دون توقف الرضا ممن تثبت له الولاية عليه.

حكم الولاية:

لقد تحدث العلماء عن حكم تنصيب ولي الأمر، سواء كان صاحب ولاية عامة أو خاصة، واستقر رأيهم على أن ذلك واجب على الأمة، فلا يحل لها أن تتوانى عن تحقيق هذا الواجب في حياتها، وهي آثمة إذا لم تقم به، وإذا خلا عصر من العصور أو فترة من فترات حياتها من وجود الولاية والإمامة، فإن جميع الأمة آثمة، ولا يخرجون من هذا الإثم إلا بالعمل الجاد على تحقيق الولاية.

أدلة مشروعية الولاية

أولًا من الكتاب العزيز: 

قال -تعالى-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ﴾.

وجه الدلالة: أن الله -سبحانه وتعالى- أوجب على المسلمين طاعة أولى الأمر منهم وهذا الواجب لا يتحقق إلا بتنصيب أمير عام، وهو بدوره يقوم باختيار من يساعده في إدارة البلاد وتدبير شئون العباد.

قوله -تعالى-: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾.

وجه الدلالة من الآية الكريمة: أن مهمة الرسل الكرام ومن أتي بعدهم من أتباعهم، أن يقيموا العدل بين الناس، وهذا لا يأتي الا بتنصيب أمير يقيم العدل بين الناس. 

وقال بعض العلماء في تفسير هذه الآية: "ولهذا أمر النبي - صلي الله عليه وسلم- أمته بتولية ولاة الأمور عليهم، وأمر ولاة الأمور أن يردوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكموا بين الناس أن يحكموا بالعدل، وأمرهم بطاعة ولاة الأمور في طاعة الله -تعالى-.

ثانيًا: من السنة المشرفة: 

ما روي عن أبي سعيدٍ الخدري -رضى الله عنه- أن رسول الله - صلي الله عليه وسلم- قال: «إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم».

 ما روي عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلي الله عليه وسلم- قال: «لا يحل لثلاثة نفر يكونون بأرض فلاهٍ إلا أمروا عليهم أحدهم».  

وجه الدلالة من الحديثين: الحديثان ينصان على وجوب تأمير أمير على جماعة قليلـة فـي السفر فمن باب أولى أن يتأكد الوجوب في حق الجماعة الكبيرة، وهي الأمة. 

قال الشوكاني معقبًا على هذين الحديثين: "وإذا شرع هذا لثلاثة يكونون في فلاة من الأرض أو يسافرون فمشروعيته لعدد أكثر يسكنون القرى والأمصار ويحتاجون لدفع التظالم وفصل التخاصم أولى وأحرى، وفي ذلك دليلٌ لمن قال: إنه يجب على المسلمين نصب الأئمة والولاة والحكام، وقد ذهب الأكثر إلى أن الإمامة واجبة".

ثالثاً: من الإجماع: 

لقد اجمع من يعتد بقوله من العلماء على وجوب تنصيب إمام يلي أمور المسلمين، وقد نقل هذا الإجماع طائفة من العلماء منهم: 

الماوردي الذي قال: "الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا، وعقدها لمن يقوم بها في الأمة واجب بالإجماع". 

وابن حزم الذي قال: "اتفق جميع أهل السنة وجميع المرجئة وجميع الشيعة وجميع الخوارج على وجوب الإمامة وأن الأمة واجب عليها الانقياد لإمامٍ عادل يقيم فيهم أحكام الله. 

وابن خلدون الذي قال: "إن نصب الإمام واجب، وقد عُرف وجوبه في الشرع بإجماع الصحابة والتابعين.

هذا والله تعالى أعلم   وصلي اللهم وسلم علي نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين "