دمياط – الشوبكي يعلن اطلاق مبادرة شتاء دافيء لدعم الطلاب والزخرفية بفار سكور /الهرم المصرى نيوز

 

بقلم / أسماء العناني

    إن أبرز ماقامت عليه تلك النظرية (نظرية الفن للفن) هو فصل الفن والأدب عن الحياة، وقطع الصلة بين الفن والأدب والمجتمع وأفراد.

   تقوم هذه النظرية /هذه المدرسة على أن الفن/الأدب فنًا مطلوبًا لذاته، وهو مغيره من الفنون غرضه الإمتاع وطلب التسلية ولا وجه فيه للمنفعة والتعذيب، وهو بذلك يستحق الدراسة لذاته لا لموضوعه، فإن هذه النظرية ترى أن الأدب يجب أن يتحرر من أى قيمة يمكن أن يحتويه الكلام إلا قيمة الجمال، وألا يُنظر فيه إلى معايير خلقية أو دينية أو قيم نفعية، وترى أن مهمة الأدب بعث المتعة والسرور فى النفس، وليست مهمة الأدب أن يخدم الأخلاق ولا أن يُسخر لقيم الخير.

    إننا نحن المُتلقين لا نستطيع أن نغفل القيمة الجمالية للعمل الأدبى، ولكن.. الغريب فى أمر تلك النظرية أنها لا ترى فى الأدب غير القيم الجمالية، فكيف ذلك؟!

إننى كمتلقية للعمل الأدبى أرى أنه لابد أن بحمل للمتلقى خبراتٍ بشريةٍ، كيف لأدبٍ يخلو من المضمون أن يجد قبولًا بين القُراء؟

كيف يُقبل كلام لا معنى لهولا فائدة من ورائه؟

إننى كمتلقية للعمل الأدبى أو الفنى لا يمكن أن استمر فى قراءة شئ لا يُفيد، وكذلك لا يمكن أن أُشاهد عملًا فنيًا إلا إذا كان يحمل قيمًا أخلاقيةً، حتى وإن كان العمل جميلًا يمتلك جميع القيم الجمالية.

   فلا بد للعمل الأدبى أن يكون مرتبطًا بواقع الحياة الإجتماعية والإنسان وبعذاباتهِ وطموحاتهِ ومستقبلهِ وكذلك ماضيه...

    ولكن! هل الفن للفن، أم الفن للواقع والإنسان والحياه؟

     لماذا لا يكون الفن للفن، وكذلك للمجتمع والواقع الإنسانى؟

      لماذا لا نُقر الأدب للمتعة وكذلك الإفادة معًا؟ إن العمل الأدبى يجب أن يحمل قيمًا جماليةً وأخلاقيةً ودينيةً وكذلك نفعية..

إنني أرى أن الكاتب إذا اختصر عمله فى فائدته الجمالية فقط فلا يكون إلا على هامش الكُتاب، بل لا أرانى مُتحاملة عليه إن قلت (على هامش المجتمع)، فلا بد للأدب أن يرصد كافة الظواهر السلبية و الإقتصادية والإجتماعية التى عاشتها تعيشها المجتمعات منذ الجاهلية حتى يومنا هذا، وإلا نُمحى ماتردد على ألسنتنا بأن الشعر ديوان العرب.

   نحن نعلم أن قضية "الالتزام فى الأدب" شغلت النقاد على مر العصور، فمنهم من يرى أن الأدب للأدب، فعلى الأديب أن يُعبر عن ذاته هو، ويهتم بالشكل الاجمالى فقط، ومنهم من يرى الأدب له قيمة أخلاقية جمالية فيجب أن يلتزم.

ماذا علينا إن أخذنا بمذهب من يرون الأدب للأدب؟

ماذا علينا إن أخذنا بمذهب من يرون الأدب ماهو إلا حُلى لفظية وزخارف كلامية؟

ماذا علينا إذا أخذنا بمذهب من يرون الفن لا بد له من أن يتحرر من أى قيمة يُمكن أن يحتويه الكلام إلا قيمة الجمال، وألا ننظر فيه إلى معايير أخلاقية أودينية أو قيم نفعية؟

ماذا علينا إن أخذنا بمذهب من يرون مهمة الأدب أن يخدم المجتمع؟!

   ماذا علينا إن انغلق الأدب على ذاته؟

إننا إذا أخذنا بكل ماسبق لسقطت منزلة الأدب، نعم لسقطت منزلة الأدب، ودعونا نُفكر، لا خلاف من إننا نعيش محنة أدبية لأسباب عدة لا مجال للحديث عنها هُنا،ولكن.. الفن نوعًا من الأدب، ولا يوجد من يحيا فى عالمنا اليوم لا يُشاهد الأعمال الفنية، بل نُتابعها باستمرار، نستطيع نحن المتقين من خلال أُفق توقع كلًا منا للعمل الفنى الذى يُشاهده أن يحكم عليه وعلى قيمته، فعندما نُشاهد عملًا فنيًا ما إن كان هذا العمل مجرد فنًا للتسلية والمتعة، فحتما سيُسعد المُشاهد، ويُعد نوعًا من الترويح عن النفس، ولكنه لا ينجذب لهذا العمل مرة أخرى، حيث إن كان عملًا فنيًا لا يحمل مضمونًا لا يمكن أن يجد قبولًا عند أكثر المُتفرجين الإيجابيين، وكيف نقبل كلامًا لا معنى لا فائدة من ورائه؟!

إن العمل الفنى الصادق، الهادف، هو مايجعل الأديب مُرتبطًا به، مُنشغلًا به ينبض بهمومه وإحساساته، وأفراحه، وآماله وآلامه ومستقبله بدلًا من انغلاقه على ذاتهِ، هائمًا فى الخيال المُسرف بعيدًا عن الواقع المُعاش.

عودة بنا إلى الأدب...

لقد جعل المجتمع من الفنان فى أزمنة كثيرة (الأنا العليا) التى تُعبر عنه، فإن الأدب يُعد عملًا كبير الأهمية فى كل دراسة نفسية لمشاكل المجتمع الإنساني، لأن العمل الأدبى لا ينال مدلوله الكامل إلا متى تكامل مع ثقافة الناس العامة أوثقافة العصر وامتزج به.

         إن الأديب يلتزم ولكن، الأدب لا يلتزم... كيف؟

       إن الأدب يتطلب مايلى:_

إرادة فرد+مطالب مجتمع

إرادة فرد (تجعل من الأديب مُلزم بما يكتب)

مطالب مجتمع ( إن الأدب لا يلزم المجتمع باحترام التزاماته).

      إنني أؤيد وبشدة التزام الأديب فى كل مايكتبه، ولكن.. هل إذا أعددنا بحثًا مثلًا ووضعنا عنوان له (أدباء ملتزمون) أو (مبدعين ملتزمين)، هل بذلك يكونوا مبدعين؟

هل يكونوا صادقين فيما يكتبون؟

بالطبع لا، إننا ندعوا إلى الحرية فى الأدب، ونرفض أن نُحرم الحرية، ولكن، ماذا نقصد من قولنا :أديب حر؟

إن الحرية هُنا تُعنى الذاتية، بمعنى:إننا نُريد من الأديب أن يلتزم من تلقاء ذاته لا أن يكون مُلزمًا، لأن التزام الاديب يُعد ثمرة من ثمرات الوعي اليقظة والمسؤولية، أما إلزام الأديب يُعد ثمرة من ثمرات الإملاء والتأسيس.

   خلاصة القول، نساند إلى ماقاله " توفيق الحكيم " بشأن هذه القضية"إن الأديب يجب أن يكون حرا، لأنه إذا باع رأيهُ، أو قيَّد وجدانه، ذهبت عنه في الحال صفةالأديب؛ الحرية هى ينبوع الفن، وبغير الحرية لا يكون أدب ولا فن.. يجب أن يكون الإلتزام جزءًا من كيان الاديب، ويجب أن يلتزم وهوه لا يشعر أنه مُلتزم، مثله مثل حمام زاجل ينقل رسالة وهو حر طائر، لا يشعر بقيدٍ فى ساقه، ولا بًغُلَّ فى جناحه".

                           (أسماء العناني)