لا تجعل يدك مغلوله فتخسر البركه ويتبعها الندم/الهرم المصرى نيوز

 

بقلم / سلوى علي

ما أصعب ان تعيش مشتتا بين عالمين ،عالم ترعرعت فيه و عايشت فيه كل شيء كان سببا فيما انت عليه الآن بحلوه و مره ، بأخطائه و مزاياه و بين عالم اخترته بملئ ارادتك بعدما ظننت أنك أصبحت مهيئا للدخول إليه .

استيقظت أمل كعادتها كل يوم قبل أذان الفجر ، توضأت و صلت ركعتين ثم عادت لغرفة نومها لتوقظ زوجها .

- أحمد أحمد انهض سيرفع آذان الفجر بعد قليل 

- امهليني قليلا يا أمل فقط خمس دقائق 

-ولا ثانية . هل لديك ضمان ان تكمل الخمس دقاىق 

- يا امل لماذا دائما تخيفينني بهذه الطريقة 

- انا لا اقصد تخويفك بل احاول طرد ذلك الشيطان الذي يقبع فوق رأسك 

- أحسنت صنعا يا أمل و جزاك الله عني و عن أولادنا كل خير . هيا دعيني انهض كي لا تفوتني صلاة الجماعة في المسجد 

- على ذكر أولادنا استلم المهمة عني اليوم فهو يومك و قم بإيقاظ علي و ساجدة 

- علي نعم أما ساجدة فلا ستأخرني عن الصلاة بمحاولة ايقاظها 

فر احمد هاربا بعدما قبل جبينها .

بعد خروجه جلست امل تتأمل حياتها ، التي جاهدت بكل ما اتاها الله من قوة و صبر كي تحافظ عليها .

أمل من أسرة بسيطة كافحت و اجتهدت في دراستها كي تستطيع مساعدتهم و كان ذلك و لكن و قبل ان تنتشلهم من حالتهم المعسرة بعد عملها بسنة واحدة ، جاىها عرض زواج رأى فيه والدها انه لا يرفض و قد لاقى الزوج استحسانا رغم انه يعتبر من أسرة ميسورة مقارنة مع مستواهم المادي و لكن كان ذلك ظاهريا فقط .

تزوجت أمل من أحمد لم يكن زواجها عاديا فقد عانت كثيرا من بعد خطبتها مباشرة .

عائلة زوجها أناس يحبون المال كثيرا لم يساعدوه بأي شيء بل العكس استولو على ماله الذي خصصه للزواج ، فأصبحت أمل بين المطرقة و السندان و لولا انه كان متمسكا بها و حيائها غلبها لكانت انسحبت من تلك الزيجة و لكن لا يعيش المرء الا ما قدر له .

تنازلت أمل عن الكثير كي ترضي عائلتها و كذلك زوجها المستقبلي ، لم تقم عرسا اكتفت بأمسية بسيطة ارتدت فيها فستان زفافها الأبيض و آثرت ان تخلد تلك اللحظات بالتقاط صور لها رغم بساطة الحفل و لكن كانت راضية .

يوم الزفاف 

بعد أن انتهى ذلك الحفل البسيط حانت لحظة الفراق ' في تلك اللحظة أحست أمل أنها تقتلع من جذورها و أن خنجرا حادا شق صدرها نصفين ، نصف مع أبيها الذي غطت دموعه لحيته التي غطاها شيب الوقار و إغماء أخيها يونس الذي كانت بالنسبة له أم ثانية و ليس مجرد أخت و بين زوج يتوسلها بعينيه الا تخذله فقد احس ترددها حين انسلت اصابعها من بين يديه ، انهار من الدموع تنسكب من عينيها البندقيتين لم تأبه بزينتها كل ما تراه هو الألم الذي سيتركه رحيلها 

لا تعرف إلى الآن كيف استطاع زوجها الفرار بها ، وصل بها إلى بيت به ثلاث طوابق مزخرف و جميل عكس بيتها المتواضع المميز بنوافذه القديمة المتآكلة، وجدت العديد من الاشخاص في استقبالها عاىلته باكملها و الجيران ، تعالت الزغاريد فور نزولها من السيارة و لكن شيء داخلها يخبرها أن هناك ما هو غير مفهوم .

ترجلت و صار بها زوجها وسط الجمع يهنئ هذا و يبتسم لتلك إلى أن دخلوا شقتهم في أول طابق من بيت العائلة .

الصدمة الأولى الشقة باكملها ممتلئة بافراد العائلة لانه من عاداتهم استقبالهم قبل الزفاف بأسبوع اي انهم مكثوا قبلها في شقتها و مازاد الطين بلة انهم ظلوا فيها حتى بعد مجيىها فاصبحت سجينة غرفة نومها الا ان انتهى الزفاف .

)في عاداتنا المغربية الزفاف يكون على مرحلتين :

 تقيم الفتاة عرسها لدى والديها و تزف إلى عريسها الذي تكون لديهم تحضيرات العرس قائمة احتفالا بابنهم و هناك مناطق يستقبلون أفراد العائلة بأسبوع قبل العرس و تكون الاحتفالات قائمة طوال أسبوع كامل )

واخيرا انتهت ايام الزفاف و ستستطيع أن تنعم ببعض الخصوصية و لكن ما لم يكن يخطر ببالها أن زوجة أبيه قد خططت و قررت و أصدرت فرمانها دون  اخبارها او ان يتنازل زوجها باخبارها بالمرسوم الوزاري الذي طبق دون استشارتها .

ودعت أمل و احمد اخر المدعويين 

- و أخيرا يا أحمد سأستطيع فك حجابي و الجلوس بأريحية في بيتي لقد شارفت اجازتي على الانتهاء و لم استطيع الراحة بعد .

-أنا اسف يا أمل و لكن انها عاداتنا و تقاليدنا لم أستطيع فعل شيء حيال ذلك 

- لا عليك انا احترم ذلك المهم اننا الان في بيتنا وحدنا و لنا خصوصياتنا. 

-أمل اريد ان اخبرك أن 

لم يكد أحمد يكمل كلامه حتى فتح باب الشقة بقوة و دخل تلات فتيات ذواتي اعمار متفاوتة يركضون إلى الصالون و هم يضحكون و ينادون على أحمد كي يشغل لهم التلفاز .

جلسوا و هم يقولون :

-احمد أحمد ماما تقول لك قل لزوجتك أن تحضر طعام الغداء .

بهتت أمل و تجمعت الدموع في مقلتيها و فرت هاربة إلى غرفتها تبكي و تبكي في أول أسبوع لزواجها الذي يفترض أن يكون اسعد أيامها و أن تكون قد سافرت هي و زوجها لقضاء شهر عسلها و لكن هيهات فقد أدارت الدنيا لها ظهرها كحالها دائما. 

حاول زوجها التخفيف عنها و ساعدها في إعداد الطعام و بالفعل حين أصبح الغذاء جاهزا نزلت زوجة أبيه و أبيه و باقي إخوانه فهم ثمانية أربعة أشقاء و أربعة من الاب فقط .

انقضى ما تبقى من اجازتها بين مطبخ و غسيل و خلاف و حين يغلبها الحنين لدلال أمها ياخذها إلى البحر تبكي له حالها و لكن في داخلها لا يرى هو إلا الحزن القابع داخل بؤبؤ عينيها .

عادت أمل لعملها تحاول رسم ابتسامة باهتة على محياها ، فرحوا زميلاتها بعودتها للعمل و احتفلنا بها و كان هذا احسن شيء حصل لها منذ زواجها .

بعد انتهاء العمل عادت لبيتها فتحت باب المنزل الكبير فوجدت باب شقتها مفتوح  و كالعادة الكل موجود في بيتها يجولون فيه بأريحية تامة . خطت قدميها ذلك الشقة و كانت تنتظرها مفاجأة جديدة:

- السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته 

-و عليكم السلام تعالي يا أمل اجلسي كي تتعودي علينا فنحن قررنا أن نشارككم الشقة طوال اليوم و لن يفرقنا غير النوم و بهذا نكون ونس لكم ، يعني الماكل و المشرب هنا كعائلة واحدة ، أليس كذلك يا أبا أحمد 

- نعم بالطبع و هل هناك من يجرؤ على مخالفة قرارك يا أمينة 

أصيبت أمل في تلك اللحظات بذهول تام ، كيف و لماذا يحصل معاها كل هذا ، أليس من المفروض ان بيت العائلة هو البيت الذي يتجمع فيه الاولاد و ليس العكس . بينما تحاول أمل استبيان الأمر باغتها كلام حماتها :

-هناك أمر آخر يا أمل اظن انا أحمد لم يخبرك به 

-ما هو يا خالتي 

-أولا لا تقولي خالتي انا لست كبيرة السن الفرق بيننا ليس بكبير(أطلقت بعدها ضحكة استهزاء)

- أنا آسفة و لكن بماذا أناديك 

‐ ههه قولي أمينة كما أناديك أمل 

-حسنا كما تريدين يا أمينة 

-بما أننا اتفقنا على الاسم ، فلنكمل حديثنا أليس كذلك يا ابو أحمد 

- ها أجل يا أمينة أكملي لابد لها أن تعرف 

بهتت أمل و أحست بقهر من طريقة كلامهم معها ، هي التي كانت الفتاة المدللة لدى أسرتها و خاصة أبيها ، أصبحت تحس كأنها دخيلة على مجتمع لم تعرف انه موجود الا بعد جوازها .

-طبعا سأكمل يا زوجي العزيز لان الأمور لابد لها أن تكون واضحة من الاول . اسمعيني جيدا يا أمل : كان شرطنا على زوجك لكي يسكن في هذه الشقة أن يدفع إيجارها 

-ماذا و لكن أحمد 

-نعم انا اريد ان اقول لك ان رغم لكن التي تقصدينا بها ان زوجك فقد عمله بعد زواجكم ، فهذا لا يعنينا الإيجار سيدفع مهما كان الوضع 

-و لكن يا أمينة كيف سنفعل ذلك 

- ماذا تقصدين كيف الست موظفة و لديك راتب 

-نعم و لكن 

-بدون لكن التي تتكرر معك كل مرة ستدفعين أجرة الشقة 

- اين هو أحمد 

-لماذا تسألين عنه هو يعلم انه لا خيار له حين يأتي تكلمي معه 

- حسنا يا أمينة بعد إذنكم سأقوم كي أبدل ملابسي

-نعم انه بيتك و لكن لا تنسي ان تقومي بتحضير العشاء

دخلت أمل إلى غرفتها و ما ان أقفلت الباب  حتى انهارت من البكاء لم تفعل شيئا حتى انها لم تقم بتغيير ملابسها كل ما فعلته انها جلست القرفساء بجانب سريرها تضم رجليها إلى صدرها و تنعي حياتها ، ماذا ستفعل ؟كيف ستتصرف؟ راتبها لن يكفي كل المصاريف بالإضافة إلى مساعدتها لاسرتها التي تحتاجها .

غلبها النوم بسبب الإجهاد و التفكير و نامت في وضعيتها، وصل زوجها منهكا من كثر البحت عن عمل و لكن دون جدوى ، اول ما خطت قدميه الشقة 

استقبلته زوجة أبيه :

-أحمد أحمد 

-نعم يا أمينة 

-وجدت عملا 

-للأسف 

-هناك من على أقدامهم النحس 

-ماذا تقصدين يا أمينة 

-لا أقصد شيئا ، اقول لك ان والدك يريد ان يكلمك 

تقدم أحمد من والده قبل يده ، نعم يا والدي أمينة تقول أنك تريدني ؟

-نعم اريد ان اقول لك أن أمينة اخبرت زوجتك بموضوع الإيجار و طلبت منها تحضير العشاء و لكن حرمك المصون هرولت الى غرفتها و لم تخرج منها أبدا منذ مجيئها من الشغل كأنها لا تريد تواجدنا معكم ، فهمها انه بيتي و أقيم حيث أشاء و حين تطلب منها أمينة شيئا يجب أن تقوم به اذا أردتم العيش هنا .

-لما كل هذا يا أبي أمل طيبة و استحملت معايا أشياء كثير و لم أسمع منها شكوى و لكن لماذا تسرعت أمينة باخبارها عن الإيجار 

- نعم أمينة لم تتسرع هي عملت ما هو صالح لها و لبناتها ام تريد أن تعيشوا بدون مقابل 

-لا يا أبي انا لم أقل هذا 

-و ليس من حقك قول اي شيء ان لم يعجبك الأمر باب البيت أمامك 

-كيف هذا يا أبي انا دون عمل و لازلت في بداية زواجي كيف تقول هذا 

-لا يهمني ادفع الإيجار و فهم زوجتك ان ما فعلته اليوم غير مقبول 

نكس أحمد رأسه و تقدم يجر خيباته نحو غرفته يعتريه خوف كبير ليس من أمل و لكن عليها لا يعرف كيف سيواجهها 

أصبح يحدث نفسه دائما انه ظلمها و جنى عليها و انه لا يستحق زوجة مثلها 

فتح باب الغرفة جحظت عيناه من هول ما رآها ،زوجته تفترش الأرض و هي في وضعية الجنين و وجهها ذابل من كثر البكاء 

ركض نحوها و هو يهتف 

-أمل أمل حبيبتي انهضي ما بك أمل 

انتشلها من الأرض و ادخلها فراشها و دثرها جيدا قبل جبينها و هو يقول :

-سامحيني يا أمل انتي لا تستحقين هذا أعرف اني خذلتك و لكن غصب عني يا أمل 

احس بدموعها فوق يديه فتحت عيونها الباكية :

-ماذا أفعل يا أحمد كيف سأوفق بين مصاريف البيت و بين ما أسدده من ديون بسبب زواجي و كيف سأساعد والداي .

كيف يا أحمد أخبرني 

-اهدئي حبيبتي و كل شيء سيحل بإذن الله ،

-بإذن الله و لكن زوجة أبيك طلبت الإيجار و انا ليس معي اي شيء  و الراتب ليس ميعاده 

- لا تقلقي سوف أجد حلا المهم ان تكوني بخير، اذا كنت تستطيعين القيام حاولي ان تغيري ملابسك و توضئي فأذان المغرب قد فات .

سوف أخرج ألتقي بصديق لي و ان شاءالله ستفرج 

خرج أحمد و هو هائم في حزنه هو طمأنها و لكن لا يعرف كيف سيجد حلا ، بينما هو يجوب الشوارع دون وجهة سمع أذان العشاء توجه إلى المسجد توضأ و صلى تحية المسجد و جلس يدعوا الله إن يفرج همه بعد صلاة العشاء و هو خارج من المسجد اذا بأحد ينادي عليه 

-أحمد أحمد 

التفت أحمد فوجد صديقه فؤاد و قد عاد من رحلته من خارج المملكة. 

-أهلا فؤاد متى عدت يا رجل 

-عدت البارحة يا صديقي و كنت أنوي الاتصال بك و لكن وجدت الوقت متأخر و سبحان الله ها نحن نلتقي في بيت الله

-سبحان الله و انا كنت أريد مع من اتحدث يا فؤاذ 

-مابك يا أحمد هل أمورك بخير 

-فلنجلس على المقهى و بعدها نتكلم 

جلس أحمد و فؤاد و حكى له كل ما مر به ....

-لا أخفيك سرا يا أحمد كنت أعلم أن زوجة أبيك ستقوم بكل هذا منذ ان استولت على المال الذي اودعته عندها من أجل زواجك و انا اقول انها انسانة جشعة و ستقوم بمحاولة استغلال زوجتك بما انها تعمل لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم.  هيا قم معي يا أحمد 

-إلى أين يا فؤاد 

-انهض يارجل 

عاد أحمد إلى البيت مستبشرا و هو يحمد الله إن سخر له صديقه كي يخرجه مؤقتا من هذه الضائقة 

فور دخوله وجد والده و زوجته يهمون بالخروج من شقته كي يصعدوا لشقتهم 

-السلام عليكم 

-و عليكم السلام 

-اخرج المال من جيبه و قدمه لزوجة أبيه: انها أجرة الشهر التي طلبتها من أمل و المرة القادمة لا تطلبي من أمل شيء لاني انا رجل البيت و ليس أمل 

- صرخ والده تأدب يا أحمد و تكلم مع أمينة جيدا 

-لا عليك يا أبو أحمد اتركه ليس الذنب عليه الذنب على من اشتكت له 

مرت تلات أشهر على أمل كأنها سنين عجاف باعت فيها أمل مجوهراتها كي تستطيع الايفاء بكل المصاريف و ها قد جاء موعد دفع الإيجار و أحمد لم يشتغل بعد و هذا الشهر يصادف دفع ما تبقى من قسط الثلاجه الذي طالب به صاحب محل الآلات الكهربائية و لم يتبقى مال للايجار .

تحدث أحمد مع والده و أخبره انه لا يملك مالا .

مر اسبوع حدث ان مرضت أمل مرضا شديدا و حين كشفت تأكدت أنها حامل ، لم تستطع الفرح بجنينها لان المرض اشتد عليها و لازمت الفراش اكثر من أسبوع ، الشيء الذي لم يعجب أمينة، كما لم يعجبها انهم لم يدفعوا الإيجار فأقامت الدنيا و لم تقعدها و بدأت بالزن على آذان زوجها بأن يطردهم من البيت .

بعد كلامه مع أمينة أخد السلالم نزولا و هو يصرخ في ابنه و زوجة ابنه و أمينة تتبعه و تضيف بهاراتها حتى فتحوا شقة ابنه بالعنف و هو يصرخ 

- اين أنت يا أحمد اين أنت يا زوج الهانم التي تدعي المرض و تريد أن نخدمها كما تريد أن تسكنوا دون أن إيجار 

- خرج أحمد مهرولا ؛ ماذا بك يا أبي لماذا تصرخ أمل مريضة جدا 

-ان شاء الله مرض القبر 

- لماذا يا أبي لا يصح هذا الكلام 

-من أنت لتعلمني ما يصح و ما لا يصح 

-عفوا يا أبي و لكن أمل مريضة جدا و انا لا مال لدي كي اشتري لها الدواء و كما أنها حامل 

-شهقت زوجة أبيه : حامل 

-نعم يا أمينة حامل لهذا هي لا تقدر على القيام حتى انها اخدت أجازة من شغلها و لم تأكل شيئا منذ مدة لان معدتها معكرة.

-انا لا يهمني كل ما تقوله يا أحمد 

-كيف يا أبي 

- كيف كما قلت لك ان لم تأتي بالايجار فعليك مغادرة الشقة و سأمنحك تلك الغرفة التي في السطح انتقل اليها 

- اي غرفة يا أبي انها مخزن صغير لا يتسع لفرد واحد 

-هذا ما لدي 

-لديك مهلة لآخر الأسبوع و ان كان على مكوثنا معكم فلم نعد نرغب فيه 

-لماذا لان الخادمة مرضت او لان المأونة انقضت 

-ماذا تقول ايها الكلب 

-اقول الحقيقة يا أبي للأسف انتم ستتحملون وزرا كبيرا على كل ما عانته أمل بسببكم و هي صامتة لا تشتكي اتحسبون اني لا أعلم أن شغل البيت كله ينتظر أمل إلى أن تأتي من عملها تحضير طعام و غسل الثياب و كنس البيت و زوجتك المصون و بناتها مثل الهوانم لا يقومون بالنزول إلى هنا الا بعد أن تقوم أمل بتنظيف الاسطبل الذي كانوا يجلسون فيه طول اليوم .

و لكن يا أبي ان الله سبحانه وتعالى اسمه العدل و لا يرضى بالظلم و مادام كل هذا لم يعجبك و رضيت ان تقوم بطردي و انا عاطل عن العمل فأنا لن أقول إلا أن لي رب يرزقني .

دخل أحمد إلى غرفته تاركا والده و زوجته ينظرون خلفه 

تكلمت تلك الافعى : أرأيت يا رجل انه حتى لم يستجديك اذن كان يعمل كل هذا كي يترك البيت 

-إلى الجحيم هو و هي ، هيا نصعد إلى شقتنا 

-انتظر قليلا 

-إلى أين تذهبين 

-لن اترك لها شيئا من أواني المطبخ اذا ارادتهم فلتشتريهم 

-افعلي ما شئتي 

أحمد و أمل مختبئين في غرفتهم و زوجة أبيه و بناتها يبعثروا الشقة و يأخذون كل ما يريدون من بيت أمل مع العلم ان كل شيء اشترته أمل بمالها و لكن في تلك الحالة كانت تريد الفرار بجلدها من ذلك البيت الظالم أهله .

-تكلمت أمل أخيرا بعد أن هدأت الأصوات و هدأت معدتها قليلا .

ماذا سنفعل يا أحمد ؟

-لا تقلقي يا أمل المهم ان تكوني بخير

-كيف سأكون بخير و الوضع هكذا 

-سأبيع هاتفي و أبحث عن ايجار شقة صغيرة تكفينا نحن الاثنان .

-هاتفك اذا أرادت إحدى الشركات التي قمت بايداع سيرتك الذاتية لديهم الاتصال بك كيف كيف 

-لا يهمني المهم عندي الان ان اخرج من هنا ووبعدها سأبحث عن هاتف اخر 

-أحمد أحمد 

-ماذا يا أمل لا تناقشيني ارجوك 

-لا لا اريد ان استفرغ 

- ابتسم أحمد رغم المرار الذي يجري في حلقه 

عادت أمل من ذكرياتها التي كل ما اقترب عيد زواجها ترجع الذكريات المريرة تزورها و تكون سببا جديدا في شكرها لله الذي من عليها و على زوجها بعد ذلك العذاب الذي مر عليهم و بعد ان عانوا بداية حياتهم و لكنهم صبروا و تشبثوا ببعضهم البعض و ثقتهم في الله جعلتهم يصلون إلى ما هما عليهم الآن. 

زوجها أصبح مديرا لفرع شركة عالمية و من الله عليه براتب كبير و تحفيزات كبيرة 

اما أمل فقد أصبحت مسؤولة عن القسم التي كانت تشتغل فيه ترقية مكنتها هي و زوجها من شراء بيت كبير و سيارة رائعة و رزقهم الله بعلي و هكذا أصبحت أسرتهم مثالية .

أما ابوه فقد خسر أولاده اتباعا و انقلبت حياته جحيما مع زوجته و بناتها اللواتي لم يعد يحسبن لها حسابا لدرجة ان واحدة منهم كانت على وشك ضربها .

عدت الايام و عاد ابوه نادما يطلب السماح من أمل و لطيبة قلبها سامحته و لكن لم تستطع الدخول إلى ذلك البيت مرة تانية .

-يا ساجدة انهضي انك كسولة جدا و كل يوم اجلس أمامك بالساعة كي تنهضي 

-أحلى ام ساجدة في الدنيا التي تصبر عليا و تعينني على ديني و دنيتي أمي الحبيبة أمل بيتنا و نوره .

-اه من كلامك الجميل يا ساجدة يا نور قلب ماما .

تمت الحمد الله

بقلمي سلوى علي