مزراوي لاعب الشهر في مانشستر يونايتد /الهرم المصرى نيوز

 

بقلم/ إسلام محمد الأقصري 

من علماء الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف 

‏إن حديثنا عن المرأة ودورها في بناء الوعي دينيًّا كان أو وثقافيًّا أو اجتماعيًّا وبناء مجتمع متماسك يجعلنا نطوف في أزمنة مختلفة وعصور ضاربة في جذور التاريخ وأماكن وبلاد متنوعة بل لا نكون مبالغين إن قلنا أنه يرجع إلى بدء الخليقة حيث جعل الحق تبارك وتعالى أمنا حواء أحد ركني بناء المجتمع الجديد على هذه البسيطة ليقوم هذا المجتمع بمهمة إعمار هذا الكون وفق مراد الله تبارك وتعالى قال تعالى ( هو أنشاكم من الأرض واستعمركم فيها )، فذلك الإنسان ذكرًا كان أم أنثى هو مستخلف من قبل الحق تبارك وتعالى ومستأمن على هذا الكون وله دور في بناء الوعي وإذا نظرنا إلى ما قامت به السيدات الفضليات والنساء الملهمات على مر التاريخ عرفنا أنه بدون المرأة فلا قيام لكيان للأسرة ولا كينونة لمجتمع متماسك ولا سبيل إلى قيام حضارة، ويكفينا للاستدلاد ما ذكرناه نظرة واحدة للتاريخ الحافل بالنماذج المشرقة والشخصيات الملهمة من النسوة اللاتي كان لهن أدوارًا بارزة حتى ذكرن في آيات الكتاب الحكيم وسنة خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم؛ هذه السيدة آسيا بنت مزاحم امرأة فرعون التي كفلت نبيًّا من أعظم أنبياء بني إسرائيل فضًلا وآمنت به واتبعت رسالته فكانت مضرب المثل ليس للمؤمنات الصادقات فحسب بل حتى للمؤمنين، قال تعالى: ( وضرب الله مثلًا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت ربي ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين)  فكانت بإيمانها وتصديقها لكلام الله ورسوله من أفضل نساء العالمين وعدَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحاب الكمال القليلات حتى قال صلى الله عليه وسلم "كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا أربعة آسيا بنت مزاحم….."

‏ثم قرينة ذكرها في القرآن مريم ابنة عمران العابدة القانتة العفيفة الطاهرة صاحبة الآية العظمى، آية الله للعالمين بنص القرآن الكريم حيث قال جل وعلا في كتابه العزيز "وجعلناها وابنها آية للعالمين" 

‏هذا في جانب الوعي الديني في الأمم السابقة أما إذا نظرنا إلى دور المرأة في بناء الوعي الاجتماعي والثقافي فنجد في تاريخ الحضارة المصرية والأمم السابقة أمثلة تؤكد قدرة المرأة على المساهمة الفعالة في بناء المجتمع وقدرتها على المشاركة في سائر الأدوار فنجد على سبيل المثال في الحضارة المصرية القديمة نساء تولين مهام قيادة الدولة بما تعنيه الكلمة ويحمله الموقع من مسئوليات من أمثال الملكة حتسبشوت، والملكة كليوباترا ولكل منهن تراث تاريخي وحضاري يشهد على قدرة المرأة بصفة عامة والمرأة المصرية بصفة خاصة على بناء الوعي الثقافي وتحمل المسئوليات  العظيمة إذا تطلب الأمر ذلك،

وعلى الجانب الآخر نجد مثالًا فريدًا وملهمًا للمرأة القائدة الأمينة على مجتمعها ورعيَّتها، فيحدثنا القرآن الكريم في سورة النمل عن سيدة من النساء العظيمات ألا وهي: بلقيس ملكة سبأ، قال تعالى: ( إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش العظيم ) إلى آخر الآيات التي تؤكد رجاحة عقلها وصدق نيتها وقبولها للحق ( قالت ربي إني ظلمت نفسي واسلمت مع سليمان لله رب العالمين ) ؛ وهناك الكثير والكثير من السيدات اللاتي كنا علامات مضيئة على طريق الوعي دينيًّا وثقافيًّا واجتماعيًّا، ومن فضل الله عز وجل على هذه الأمة أن جعل لها الحظ الأوفر والنصيب الأكبر من السيدات اللاتي ملئن الأرض علمًا ونورًا وكن بحق هاديات لأسرهن ومجتمعهن على طريق الحق ومشاعل نور وسبل هداية وقدوات في أزمانهن وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ 

فهذه خديجة بنت خويلد أول من آمنت من النساء برسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت الداعم والسند بعد الله عز وجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه عائشة رضي الله عنها الفقية المحدثة المفتية جامعة علم النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى قال صلى الله عليه وسلم "خذوا العلم من هذه الحميراء" وهذه أم سلمة صاحبة المشهورة والعقل الراجح والرأي السديد وغيرهن من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين وأهل بيته، ومنهن رضي الله عنهن استلهمت الكثير من زوجات الصحابة رضي الله عنهن وتعلمن الفقه والعلم وكن رائدات في عدة مجالات وفتحنا للنسوة أبوابًا من العلم والفقه كاسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية الملقبة بخطيبة النساء، وخوله بنت ثعلبة وغيرهن

يتبع في مقالات أخرى بإذن الله